Site icon IMLebanon

في انتظار نتائج «الإشتباك» السعودي – الإيراني

يَعتقد قطبٌ سياسيّ أن لا جديد متوقّعاً حصوله في لبنان على مستوى الاستحقاق الرئاسي في ضوء التطوّرات الإقليمية والدولية المتلاحقة، ويَعتقد أنّ الواقع سيستمرّ في جمود إلى حين تبلوُر معالم مستقبل الوضع الإقليمي.

طرَحت التطورات الإقليمية، ولا سيّما حرب «عاصفة الحزم» في اليمن تساؤلات كثيرة حول مصير الحوار الجاري بين حزب الله وتيار المستقبل برعاية رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بعضُها صَبَّ في خط التشاؤم، والبعض الآخر في خط التفاؤل، في ضوء مواظبة الفريقين المتحاورَين على تأكيد تمسّكِهما باستمرار هذا الحوار، على رغم التناقض بين مواقفِهما من التطوّرات الاقليمية، والتي كان آخرها الحرب الدائرة في اليمن.

ويلاحِظ سياسيون أنّ الإنجازات التي حقّقها الحوار حتى الآن، ذاتُ وجهَين، سياسيّ معنويّ، بحيث إنّه رطّبَ الأجواء بين خصمَين لدودين بما يؤسس الى تفاهم وطنيّ واسع لاحقاً، خصوصاً حول إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإعادة تكوين السلطة من خلال تأليف حكومة جديدة وانتخاب مجلس نيابي جديد.

أمّا الوجه الآخر لهذه الإنجازات فهو تخفيف وطأة التشنّج المذهبي، ما أتاحَ تحقيق مزيد من الإنجازات على صعيد توسيع دائرة الاستقرار الأمني من خلال الخطط والإجراءات الأمنية التي ينفّذها الجيش والقوى الأمنية في مختلف المناطق.

أمّا على الصعيد السياسي، فإنّ هذا الحوار لم يحقّق أيّ إنجاز بعد، لأنّه لم يجرِ بَعد أيّ مقاربة للاستحقاق الرئاسي الذي يُعتبر إنجازُه المدخلَ الطبيعي إلى معالجة الأزمة اللبنانية، إذ من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية لن تكون هناك أيّ إمكانية لإعادة تكوين السلطة، وهذا الانتخاب لا يمكن أن يتمّ ما لم يتّفق الأفرقاء السياسيّون في فريقي 8 و14 آذار وما بينهما على شخص الرئيس العتيد، لأن لا إمكانية إطلاقاً لإجراء انتخابات رئاسية يتنافس فيها مرشّحان أو أكثر تبعاً للانقسام السياسي الحاد الذي تعيشه البلاد والذي يفرض أن يكون الرئيس العتيد توافقياً، بحيث يصل بتأييد الفريقين المتنازعَين.

لذلك، يرى بعض السياسيين أنّ الحوار بين «الحزب» و«المستقبل» لا يمكنه مقاربة الاستحقاق الرئاسي ما لم تتوسّع دائرته ليشملَ أفرقاء آخرين، حتى يحصل التوافق الشامل على شخص الرئيس العتيد، ولكنّ الظروف الإقليمية والدولية، فضلاً عن المحَلّية لم تنضَج بعد إلى الحد الذي يساعد على توافق لبنانيّ واسع على انتخاب الرئيس الجديد.

كما أنّ في الأفق ما يثير القلقَ على مصير هذا الحوار الذي تجاوَز حتى الآن مطبّاتٍ كثيرة، لأنّ الآتي من تطوّرات محلّياً وفي الإقليم قد يكون صعباً إلى حدود لا يكفي معها إبقاء الحوار حيّاً حتى ولو لم يحقّق نتائجَ ملموسة، بل يجب أن يشكّل هذا الحوار عاملَ امتصاص واستيعاب لتداعيات ومضاعفات ما يجري في الخارج عبر تحقيق مزيد من التوافق والمناعة الداخليَين.

ويقول أحد السياسيين إنّ حجم المواجهة الدائرة في المنطقة الآن بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية هو ما يثير الشكوك في استمرار الحوار بين المستقبل وحزب الله، خصوصاً أنّ البعض اعتبَره منذ انطلاقته حواراً غيرَ مباشر بين الرياض وطهران، وأنّه ما كان له لينطلقَ من دون مباركتهما، وحتى الآن يبدو أنّ الجميع في الداخل والخارج راغبون في تحييد لبنان عمّا يحصل في اليمن وغيرها، ولكن ليست هناك أيّة ضمانات بأنّ أيّ طرف محلّي أو إقليمي لن يعطّل هذا الحوار، ويستخدم لبنان ساحةً لعمليةِ تصفيةِ حسابٍ جديدة، وذلك تبعاً لتطوّرات المعركة.

ويلاحظ هؤلاء السياسيون أنّ المواقف والتطوّرات في اللحظة السياسية الحالية تشير إلى أنّ الحوار مستمر، ولكنّ المعادلة التي تحوط ببقائه قد تتغيّر في أيّة لحظة، فحزب الله يؤكّد أنّه سيستمرّ في الحوار ما دامَ الطرَف الآخر مستمرّاً، والمستقبل على حدّ ما يعلن وما يُضمر يؤكّد مِن جهته أنّه مستمرّ في الحوار، ولكن ما يثير المخاوف هو أنّ مستقبل الوضع اللبناني غير واضح ما سيكون عليه في الأشهر الثلاثة المقبلة، خصوصاً في ظلّ توقّعات البعض بحصول «عواصف حزم» في مناطق أخرى غير اليمن، ولكنّ هذا الأمر لا مؤشّرات عملية عليه حتى الآن.

وفي المحصّلة، يَعتقد بعض السياسيين أنّ مصير الأوضاع في لبنان والمنطقة بات متوقّفاً على ما سيؤول إليه الاشتباك السعودي الإيراني العسكري والسياسي والإعلامي وحدود الذروة التي يمكن أن يصل إليها، إذ عندها يمكن أن يُبنى على الشيء مقتضاه.