Site icon IMLebanon

الممارسة تكشف ثغرات “الضمان التقاعدي” والقانون يمنع الرحمة

 

 

 

يكفي أن تقع حادثة مع مواطنٍ وأن يفصح عنها لينفضح الكثير من الثغرات في القوانين اللبنانية التي تمسّ صحة المواطن، وينكشف معها إهمال المشرّع. والضحية هذه المرّة سيّدة ستّينية، وربما غيرها من الحالات، اكتشفت صدفة أنها ما عادت تتمتع بتغطية صحية. إذ تفاجأت السيّدة بالمبلغ المتراكم عليها بدل انتساب للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، نتيجة نقلها إلى فرع “الضمان التعاقدي” من دون إبلاغها بذلك وبما يتوجّب عليها دفعه.

 

وفي حين تعجز السيدة اليوم عن سداد المبلغ دفعة واحدة، ترفض المؤسسة تقديم أيّة تسهيلات في الدفع، والسماح لها باستعادة حقها بالتغطية الصحية قبل تسديد كامل المبلغ. وفي حين تحتج السيدة من الظلم اللاحق بها، يؤكد مصدر في الضمان لـ”نداء الوطن” أن الظّلم لا يمكن رفعه من دون قانون يعالج الثغرات، والناجم عن إقرار المشرع لقوانين من دون استشارة المعنيين أو الإلتفات للتفاصيل، مشيراً إلى مظالم أخرى تقع نتيجة الأمر.

 

في حديث إلى “نداء الوطن” تحكي لانا بهادوريان، أنها وفي العام 2019 توقفت عن العمل قبيل الثورة، وتحول ضمانها إلى ضمان تقاعدي. وهو نظام جديد أقره مجلس النواب بداية العام 2017 يسمح لمن بلغ سنّ التقاعد بالإستمرار بالإشتراك بالضمان، شرط أن يكون قد خدم في عمله أكثر من 20 سنة، لقاء بدل اشتراك يبلغ 61 ألف ليرة شهرياً. لكنّ بهادوريان لم تتبلغ بالأمر ولا بكلفة الإشتراك المتوجبة عليها، فتراكم المبلغ من دون علمها ليتجاوز الـ600 ألف ليرة. وفي حين يطالبها المعنيون في الصندوق بتسديد المبلغ كاملاً، تشكو السيدة من عجزها عن ذلك نظراً لأنها لا تعمل وللأوضاع الإقتصادية في البلد. “طلبت تقسيط المبلغ المتراكم عليّ لأتمكن من الاستفادة من خدمات الصندوق والحصول على تغطية صحية، وعدتهم بأن أسدد المبالغ من المال الذي سيتم إرجاعه لي من ثمن الأدوية، لكنهم رفضوا بشكل قاطع. واشترطوا عليّ بأن أسدّد كامل المبلغ لأتمكن من الإستفادة من التغطية الصحية بعد تاريخ التسديد”.

 

وفي الوقت الذي تعاني فيه السيدة الستينية من عجزها عن تغطية كلفة طبابتها بعد عشرات السنوات من العمل، يشير مصدر في الضمان، في اتصال مع “نداء الوطن”، إلى القوانين التي تحكم عمل الصندوق، والتي لا تسمح بالتساهل حتى في الحالات الإنسانية. ووفق المصدر فإن الضمان التقاعدي قسم جديد في المؤسسة، لم يصادف مشاكل من قبل لمعرفة كيفية معالجة الموضوع.

 

ويؤكد المصدر وجود مشكلة في تبليغ الصندوق للمضمومنين، بضمهم على لوائحه وبكلفة الإشتراكات المترتبة عليهم. “لم يلحظ القانون آلية لتبليغ المضمونين بنقلهم إلى الضمان التقاعدي، والذي يحصل من تلقاء نفسه فور بلوغهم سن التقاعد ولا يبلغون بالمبالغ المتوجب عليهم دفعها، ليفاجأوا في ما بعد بالمبالغ المستحقة عليهم”.

 

كذلك يشير المصدر إلى حادثة مماثلة حصلت مع مواطن جرى انتسابه إلى الضمان الإجتماعي، فرع الضمان الإختياري، من دون إبلاغه بالأمر. فتراكمت عليه كلفة الإشتراكات مدة 5 سنوات، ولم يتمكن من معالجة الأمر إلا بعد الحصول على إجتهاد قانوني، وبعد أن أثبت إقامته خارج لبنان خلال هذه المدة. ووفق المصدر يمكن لأيّ شخص ان يحصل على إعفاء من الغرامات عبر التقدم بشكوى أمام مجلس شورى الدولة لعدم تبلغه. لكن لا يمكن تقسيط مبلغ كمبلغ الـ 640 ألفاً المتوجب على السيدة، فالقانون حدد سقفاً أدنى للتقسيط ويسمح بتقسيط المبالغ بملايين الليرات.

 

يرى المصدر إذاً بأن المسؤولية لا تقع على عاتق المؤسسة، وإن لم تبلغ المضمونين، ويطرح إشكالية قصور التشريعات، “فالقوانين فيها عيوب، والثغرة التي تكشف بالممارسة تبقى ثغرة في القانون. هي اشكالية التعاطي مع مؤسسة مالية كالضمان. ويجب على المشرّع أن يلتفت إلى كل التفاصيل كي لا توضع عقبات ويقع ظلم على الناس. النواب لا يراجعون المعنيين بهذه القضايا، فيما استشارة هؤلاء الأشخاص واجب على المجلس النيابي”.

 

إشكالية أخرى يلفت إليها المصدر، وهي إجبار الموظف، الذي يبلغ سن التقاعد وتنطبق عليه الشروط، على الانتساب إلى نظام “الضمان التقاعدي” وتترتب عليه كلفة الاشتراك. بالتالي لا يسمح له بالاستفادة من ضمان الأبناء والتسجيل على ذمتهم، على الرغم من أن المادة 14 من قانون الضمان الإجتماعي تسمح للأب والأم بالاستفادة من ضمان أبنائهم، من دون استثناء، وتعفيهم من الرسوم. ويشير المصدر إلى إمكانية إصلاح هذا القانون من خلال تقديم مراجعة أمام مجلس شورى الدولة.