قلنا أمس ونكرر اليوم إن انتفاضة المواطنين مفهومة والأسباب الموجبة أكثر من أن تحصى، ولكن ما زلنا نتساءل: هل أنّ هذا الحراك سيؤدي الى نتائج فاعلة!
أولاً ـ المطالبة بإستقالتهم «كلهم» تعني التوجه الى الفوضى العارمة. فهل نتصور بلداً من دون حكم وحكومة ومجلس نيابي؟
ثانياً – إذا استقالت الحكومة هل من إمكان لتشكيل الحكومة البديل في هذه الظروف؟ ألا يعني هذا فراغاً في السلطة التنفيذية؟
ثالثاً – أمّا الدعوة الى حكومة عسكرية فما هي السلطة الدستورية التي ستعطي الشرعية للحكومة العسكرية التي يطالب البعض بتشكيلها؟
رابعاً – هل إن الأحزاب (أو بعضها) التي تدعو «الرفاق» والمناصرين للنزول الى الشارع، هل هي بريئة من الارتكابات والفساد والصناديق؟!
خامساً – هل يدرك المنتفضون الأبرياء، الذين قادتهم الى الشارع معاناتهم الطويلة، أن هناك من يستغل وجوههم ليحقق أهدافاً وطموحات ومخططات تعود عليه بالمصلحة الشخصية، وليس غير هذه المصلحة الشخصية أي شيء آخر، وبالذات ليس تحقيق مصالح الناس المحقة، وأهداف الناس المشروعة، وأحلام الناس بالغد اللبناني الأفضل؟!
سادساً – وإذا حلّ مجلس النواب ذاته بذاته، فمن سيُشرف على الانتخابات النيابية العامّة، وعلى أي أساس أو قاعدة أو قانون ستُجرى هذه الانتخابات؟ ومن يضمن إجراءها بنزاهة وحرية؟
سابعاً – هل إنّ إدعاء الميليشيات (المعروفة جداً وتماماً وكمالاً من اللبنانيين) هذه الميليشيات، التي تستغل أوجاع المتظاهرين ومطالبهم المحقة، هل هي البديل؟ أو هل هي التي ستقود البلاد الى شاطئ الأمان وهي التي عاثت فيه فساداً طوال سنوات وعقود؟
ثامناً ـ من قال إنّ لا حلول إلاّ بالفوضى؟ لماذا لا تكون «هدنة» أيام معدودة تتخذ فيها الإجراءات الآتية:
١- إعادة نظر شاملة في الضرائب والرسوم.
٢- تحقيق إصلاحات ليس على حساب الناس وجيوبها المثقوبة، إنما على حساب المتخمين ثرواتٍ خرافية حصلوا عليها حراماً من مال الشعب، وعلى حساب لقمته وعافيته وحقه في الحياة الحرة الكريمة.
تاسعاً- إننا نتبنى الموقف المبدئي للمنتفضين. ولكننا نأبى عليهم أن يستغلهم المتاجرون بالبلاد والعباد، المستغلّون طيبة المواطنين وصدقهم وبراءتهم لتصفية حسابات قذرة.
إن الوطن في مرحلة حساسة جداً ودقيقة جداً وخطرة جداً، لذلك نكرر ما قلناه أمس: حذار أي دعسة ناقصة.