الشعب على حق خصوصاً في هذه المرحلة بالذات… فمهما يفعل الناس، وكيفما يتصرّفون فهم على حق بعدما باتت الأمور لا تحتمل فعلاً في البلد، وبعدما تجاوز الاستهتار بحقوق الناس ومطالبهم كل منطق ومعقول.
والأمر لا يتوقف، فقط، على موضوع النفايات، إنما هو على شمولية تكاد لا تُصدّق… فمن «الزبالة» الى الكهرباء التي يدفع المواطن اللبناني رسمها ثلاث مرات: مرة الى الدولة، ومرة الى «الاشتراك» بمولدات الأحياء، ومرة ثالثة الى نفقات المولّد الذي يملكه في مكتبه أو مصنعه أو متجره الخ… ومع ذلك أنفق هذا المواطن من لحمه الحي 22 مليار دولار على الكهرباء ولا كهرباء! وهل ننسى الطرقات التي تغرق بالأحافير والجور وفي الوقت ذاته تغص بالسيارات: ويكفي «فخّ» جونيه الذي يصطاد المواطنين ذهاباً وإياباً فيحتبسهم في سياراتهم أوقاتاً طويلة جداً… وما يصح في الطريق الشمالي يصح أيضاً في طريق الجنوب وفي الجبل.
وأمّا المياه فحدّث ولا حرج… وكم كان ظريفاً ومصيباً ذلك المتظاهر الذي قال: يرشقوننا بالمياه بينما نفتقدها في منازلنا.
واللافت أنّ هذه الحكومة التي لا نحمّلها مسؤولية الماضي، إنما مسؤولية الحاضر والأمس القريب منذ نيلها الثقة حتى اليوم، وهي «تتفرّج»، ولم تجد حلاً للنفايات مثلاً خصوصاً وأنّ المواعيد معروفة سلفاً… وكم مرة، (ومنذ أشهر) كتبت إدارة «سوكلين» الى مجلس الوزراء بأنّ مطمر الناعمة لم يعد يتحمل المزيد، وأنّه لا بدّ من معمل التحويل!
ثم يأتيك السياسيون المشاركون في الحكومة وربما غير المشاركين أيضاً فيسهمون في تحويل البلد الى مكب للنفايات سواء بالتعطيل الذي يمتهنه بعضهم أم بتحويل النفايات الى قضية دينية وطائفية ومذهبية.
كما أنّها باختصار، ولكن بوضوح، «قضية» حصص وسمسرات من العمولات التي يؤدّي الخلاف على التحاصص فيها الى ما نراه ونلمسه…
فهل هناك من يريد دفع الناس الى اليأس؟ فعلاً يبدو أنّ هناك منهجية واضحة للعيان في تيئيس اللبنانيين ودفعهم الى الهجرة حيث تستفيد منهم دول الإقليم ودول الخارج البعيد على حد سواء حارمين وطنهم من طاقاتهم وكفاءاتهم، بينما هناك من لا يرف له جفن من مسؤولين في السلطة وغير مسؤولين خارجها.
وعلى سبيل المثال، كنت أمس في مطار بيروت في طريقي الى فرنسا عندما تقدّم مني أحد المواطنين «العارفين» وأخبرني أنّ وزيراً عرض على شخصية أن تأتي بديلاً عنه في إحدى الوزارات «شرط» أن يبقى الاول مشرفاً على شؤون تلك الوزارة، فلم تقبل تلك الشخصية… فآلت الوزارة المشار إليها الى شخص آخر؟!.
ألَيْس الناس على حق في مطالبهم؟!.