IMLebanon

يموت الشعب وتبقى السلطة

 

 

قمة الغرابة أن تستغرب أي مصادر ما يجري في لبنان. وأن تعتبره مؤامرة. وقمة المكابرة والعماء أن يدعي بعض أهل السلطة من رأس هرمهم الى قواعدهم الشعبية المنساقة بغرائزها أن الأحوال سوبر دولوكس، لكن القطبة المخفية تكمن في “إشاعات مغرضة” لتشويه الصورة وخدش بهائها.

 

فالتراكمات المستمرة منذ تحول الحكم في لبنان الى بلطجة مشرعنة ومخالفات جذرية للدستور وإضعاف للمؤسسات الرسمية والإدارات، ليست شائعات. ومن المنطق أن تؤدي إلى ما هي عليه الأوضاع الاقتصادية من تردٍّ وصل قعر الهاوية.

 

أزمة دولار او أزمة محروقات أو رغيف أو دواء. وقبلها وبعدها نزف يكسر الخزينة في ملف الكهرباء. وبينهما نهب منظم في ملف الاتصالات. والخير لقدام ما دام الميزان خاسراً لحساب مصادرة سيادة الدولة وقراراتها برضى شركاء صوريين يكتفون بتقاسم كعكة السلطة ويغضون النظر عن الأسباب الفعلية للخراب المتلاحقة فصوله.

 

والآتي من الأزمات لن يكون أرحم على اللبنانيين مما نحن فيه الآن. والتعبير عن الوجع والخوف وفقدان الأمان بالمستقبل ليست “شائعات مغرضة”، بل هي حصاد أفعال موصوفة لمن يشارك في الحكومات منذ ما بعد يوم السابع من أيار المجيد ويتحكم بها وصولاً الى السيطرة على مفاصل الوزارات والإدارات، ويأكل الأخضر واليابس ولا يشبع.

 

والحل لن يكون بالتنصل من المسؤولية وتوجيه فرقة الزجل لتضرب على دف الفساد السابق، من جهة، وعلى صرخات المواطنين الموجوعين من جهة أخرى. لأنها تزعجه وتنكد عليه نشوته بالسلطة والنفوذ. فيصيح بالحاشية: اسكتوهم. فتشوا في دفاتر النصوص عن وسيلة إخراسهم…

 

كذلك، لن يكون بالاستدعاء من خارج سياق عمل المؤسسات، وإصدار فرمان لمزيد من القمع وكأننا في نظام ديكتاتوري يعطي التوجيهات القاضية بتصفية الجو من الترددات المغرضة، مع ان الأساس مضروب ومنخور ولا يحتمل نسمة هواء ليتهاوى…

 

وبالطبع لن يكون بـ”اتخاذ اجراءات موجعة لا بد من تجرّعها”.

 

وكأن منسوب الوجع الذي تجرّعه الشعب المستسلم لإعادة انتاج هذه الطبقة الفاسدة، ليس كافياً حتى تاريخه.

 

صحيح أن هذا الشعب الغشيم عن واجباته كما حقوقه، مخدّر بالغرائزية والزبائنية وقشور الفساد التي يتلقفها حامداً شكوراً، في حين الثمرة لمن يدعي حمايته واستعادة حقوقه والمعاناة عبر القبول بوزارة من هنا وأخرى من هناك من أجله.

 

لكن الأصح من وجهة نظر ديكتاتوريي زمانهم، ان على هذا الشعب الالتزام بكونه وقود وجود هذه السلطة التي تدير البلد المفلس بنهب ما تبقى في قعر امكاناته الشحيحة. واذا اعترض فهو متآمر يهدد الأمان الاقتصادي والعملة الوطنية. دوره لا يتجاوز بقاءه كبش فداء عندما تستدعي الحاجة دفع فواتير سياسات البلطجة.

 

حينها ينص الفرمان على ان يموت الشعب لتبقى السلطة.