يُنذر التوتر المتصاعد على الجبهة الجنوبية في ضوء الإعتداءات المتزايدة للعدو الإسرائيلي، برفع منسوب القلق وبدفع المزيد من الأهالي في القرى الجنوبية الحدودية إلى النزوح عن منازلهم نحو مناطق أكثر أماناً، في الوقت الذي يواجه فيه اللبنانيون واقعاً معيشياً مأزوماً ترك تداعياته في أكثر من مجال وقطاع. ويظهر واقع النزوح بشكلٍ لافت في كفرشوبا التي واجهت وما زالت الإعتداءات الإسرائيلية اليومية، حيث يعرض رئيس البلدية قاسم القادري، في حديثٍ لـ “الديار”، واقع نزوح الأهالي في كفرشوبا كما في كل القرى الجنوبية، والذين باتوا وبنسبة تتجاوز الـ75 بالمئة منهم كمعدل وسطي خارج قراهم ونزحوا باتجاه صيدا والجوار بشكلٍ خاص، في ضوء تسجيل نحو 121 ألف نازح وفق الإحصاءات وخلافاً للإحصاءات الرسمية التي تتحدث عن 6800 نازح.
وبالنسبة لبلدة كفرشوبا، يلفت إلى أن 500″ عائلة تقطن في البلدة، قد بقي منها 110 عائلات، وباقي العائلات مهجرة ما بين قضاء حاصبيا 100 عائلة وصيدا 100 والباقي توزعوا في الجبل والبقاع”.
ويؤكد “إن مرحلةً صعبة يواجهها أهالي الجنوب، فحركة النزوح قد بدأت منذ منتصف شهر تشرين الثاني الماضي”، مشيراً إلى أن “البلدية تقوم ومن ضمن إمكاناتها الضئيلة بتسهيل الأمور المعيشية للأهالي الذين ما زالوا صامدين في القرية”، وموضحاً أنه “ما من إمكانات لدى البلدية لإصلاح سيارة “بيك آب” معطلة، وبالتالي فإن المعنيين في البلدية يعملون وتحت القصف وذلك بالنسبة لتأمين المياه رغم خطر الإعتداءات وعمليات القصف التي يقوم بها العدو الإسرائيلي بشكلٍ دائم للمنطقة والتي تتصاعد بشكلٍ تدريجي منذ عملية “طوفان الأقصى”.
ولا يُخفي رئيس بلدية كفرشوبا، الذي يتحدث وسط أصوات القذائف في البلدة، أن “كل القرى في الشريط لحدودي تعيش ظروفاً معيشية صعبة، مؤكداً أن التواصل بين البلدية في كفرشوبا والوزراء المعنيين بخطة الطوارىء، قد ركز على هذه المعاناة ولكن من دون أي دعمٍ حيث أن الموازنة المخصصة للبلديات ما زالت تحتسب وفق دولار الـ 1500 ليرة”.
وعن حركة النزوح التي سجلت تزايداً في الأيام الماضية، يشير إلى أن هذه الحركة تتركز باتجاه 110 قرى في قضاء حاصبيا وصيدا، مؤكداً أنه “لو كانت هناك مراكز إيواء في القرى مجهزة بكل المستلزمات وتكون بحماية الجيش واليونيفيل في المنطقة لكان الأهالي لجأوا إليها وتمّ تحييدهم عن مناطق الصراع بدلاً من أن ينزحوا عن مناطقهم”.
ولا يقتصر النزوح فقط على المواطنين في البلدات الحدودية حيث أن بعض العائلات السورية في كفرشوبا قد نزحت أيضاً وبقي عدد قليل منها، ويوضح أنه من أصل 509 عائلة بقيت 13 عائلة في البلدة.
وعن الدعم الرسمي للبلدية والقرية، يقول إن “الدولة مأزومة وهي لا تستطيع تشكيل خلية أزمة، ولذلك فإن المسؤولية هنا تقع على الجميع، أكان الدولة أو اليونيفيل أوالمقاومة، فإن الكل مسؤول في هذا الإطار”.
وأمّا بالنسبة للوضع الميداني بعد دخول الحرب شهرها الثاني، يؤكد أنه “وضع مأساوي إذا استمرت هذه الحرب، لأن موسم الزيتون على وشك أن يضيع وبعض البساتين قد احترق والبعض الآخر يتعرض للقصف فيما لا يتجرأ الأهالي على الذهاب إلى بساتينهم لقطاف موسم الزيتون، مع العلم أننا طلبنا من اليونيفيل مواكبتنا في هذه العملية، لكنهم رفضوا معتبرين أنهم لا يرافقون الأهالي بل مهمتهم مساندة الجيش ولذلك سنطلب من الجيش”.
وعن المرحلة المقبلة، يؤكد القادري “وجود صعوبة للصمود”، مطالباً “بتأمين مناطق خاصة بالمدنيين، محايدة ومحمية دولياً على مستوى الأمم المتحدة كما هي الحال بالنسبة لقواعد الإشتباك التي لا يتمّ خرقها في المنطقة”. لكن في المقابل، لا يتوقع المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة، مؤكداً أنه “ما من قدرة لدى العدو على فتح جبهة جديدة في الشمال مع لبنان”.