IMLebanon

الشعب… يريد… أن يُسقط المواجهات السلبية

ما بين الدعوة لمعالجة قضية النفايات التي اتسعت وتفاقمت وهي ما زالت تشغل البلاد والعباد، وبين الدعوة لإسقاط النظام التي ما زلنا نسمع الهتافات بشأنها تتردد في تظاهرات الحراك المدني المؤلف من تجمعات مؤتلفة ومختلفة، إحتار اللبنانيون في إطلاق أحكامهم على هذه الطلائع الشعبية التي أطلت عليهم من بين أكداس المعاناة مستمدة مادتها الشعبية الأساسية من شمولية الاذى البالغ الذي يطاولها ويطاول الشعب اللبناني بأسره من خلال الروائح الفاسدة التي امتزجت فيها نفايات هذه البلاد مع سياستها ومنهجيتها في الحكم والتحكم. إحتار اللبنانيون هل هم مع النهج المصرّح به من بعض التجمعات المدنية التي حصرت مطالبها بوجوب إيجاد معالجة جدية وعملية لقضية النفايات واستقالة وزير البيئة لما ذكر عن تقصيره وفشله في المعالجة، ومحاسبة وزير الداخلية وقوى الأمن على ما ذكر عن تجاوزاتها وقمعية تصرفاتها، أم هل المطالبة باسقاط النظام هي حقيقة ما نحن بصدده من حركات لا تريد أكل العنب بل تبتغي قتل الناطور.

وكانت نقطة تحول بارزة في معالجة الأزمة عندما استقال وزير البيئة وتم تسليم قيادة المعالجة إلى وزير البيئة السابق أكرم شهيب المعروف بسعة خبرته وطول باعه أمام حجم هذه المعضلة وتحدياتها، وجاء القرار الحكومي استنادا إلى دراسات معمقة أجراها الوزير المذكور ومن حوله عدد كبير من أهل العلم والخبرة الذين لم يتركوا مرجعا بيئيا او صحيا أو إجتماعيا إلاّ وأشركوه في التداول واستنباط الحلول، وعند صدور القرار جُوبه بهذه السلبية الكبيرة، سواء من قبل الحراكات الشعبية وفي طليعتها تلك التي حصرت مطالبها بموضوع النفايات وملحقاتها، أم من قبل بعض المعارضين من أهالي المناطق التي تناولتها الدراسة المعتمدة. فاقترحت إعتماد مطامر موجودة في أراضيها بشكل مؤقت. نفهم جيدا أن تكون هناك ملاحظات بل واعتراضات على القرار الحكومي كائنا ما كان حجمها وسببها، ما لم نفهمه في الواقع: لماذا رفض ممثلو المجموعات المدنية مقابلة الوزير شهيب ولجنته للوصول معهم إلى وضعية علاجية ترضي الجميع وترضيهم، وتكون قابلة عمليا للتنفيذ، ولماذا قامت قيامة بعض المسؤولين على أحد رجال الإعلام الذي وجه إليهم سؤالا عمليا حول طريق الوصول إلى حل عملي قابل للتنفيذ إسهاما منهم في عملية البحث عن الوصول إلى حل، وكاد البعض أن يطاوله بالضرب والإهانة؟ والسؤال الكبير، لماذا هذه السلبية في المعالجة الرافضة لكل منفذ وكل مخرج، وكأننا بها تحاول التلاقي بالنتيجة مع ذلك الفريق الآخر الداعي إلى إسقاط الحكومة والمجلس النيابي وصولا إلى إسقاط النظام، علما بأن الحكومة القائمة هي أشبه بخشبة الخلاص التي يمسك الجميع بها تحسبا من الغرق، ولأن غرق هذه الحكومة، يخلق أمامها وأمام الوطن كله كيانا وشعبا ودولة مشاكل واهتزازات وجودية ومصيرية، أساسها منطلق من تراكمات ومسؤوليات تقع على عاتق حكومات سابقة. يعلم الجميع بالتالي أن سقوط هذه الحكومة بالذات، يدفع بها إلى وضعية البلد الواقفة على شوار، وهي لا تحتمل هزة ولا نكزة لتسقط ويسقط معها الوطن كله في لهب المنطقة الذي بات يأكل فيها البشر والحجر والأخضر واليابس.

 ليس لدى أحد مشكلة مع أي مطلب معقول وقابل للتحقيق، المشكلة تتمثل بسلبية المواقف التي ترفض عمليا أي حل دون الأخذ بعين الإعتبار الفعلي والحقيقي لهذه الزبالة الزاحفة بسرعة مخيفة باتجاه الشوارع والساحات وصولا إلى بيوتنا جميعا، هل يريد المتظاهرون المدنيون سقوط هذه الحكومة ورفض أي حل تقرره، إستنادا إلى اقتراحات الوزير شهيب ولجنته؟ هل المقصود إسقاطها وإسقاط النظام معها؟ هل حشد المعترضين الكبير مهما كان كبيرا يمكن أن يقف في وجه حشودات بقية أركان هذا النظام القائم بكل فساده ومساوئه، والنزول مثلهم إلى الميدان والوقوف مثلهم بهذه السلبية المؤسفة والتي تكاد في حال استمرارها ان تمنع من حصول أي حل يخرج هذه الزبالة المتراكمة والمتفاقمة من المشهد العام. اذا ما وصلت البلاد إلى الفوضى وإلى تعميم المؤامرة الداعية إلى قلب الحكم القائم بما يتلاءم مع مطامع ومطامح الجهات الخارجية المعروفة (وهذا ما نجل المتظاهرين الأساسيين عنه)، فإننا نصرخ «خطيّا» مع الصارخين: الشعب.. يريد.. أن يعرف حقيقة ما يحاك للبنان واللبنانيين.