IMLebanon

«قوم تحدّى الظلم… تمرّد»

من سوء حظ اللبنانيين، الذي يلاحقهم منذ العام 1990، ان يصلوا الى يوم، وقعوا فيها فريسة تشكيل هذه الحكومة، التي ظهر بالممارسة على الارض، ان عرّابيها، ارادوا لها ان تكون حكومة معمّرة، وليس حكومة لمدة ثلاثة أشهر فحسب، لأن حساباتهم كانت حماية الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، والتمديد للتعطيل في مؤسستي مجلس الوزراء ومجلس النواب، وترك الفوضى والفساد والمحسوبيات تعصف في الادارات الرسمية والوزارات، من ضمن الرهان على ان الشعب اللبناني المنقسم مذهبياً وطائفياً، لن يتحرّك او يثور في وجه الكوارث التي تسببها التصرفات غير المسؤولة لمعظم وزراء هذه الحكومة، وغير الآبهة لمعاناة الناس في جميع مجالات الحياة البائسة التي يعيشون، ومن المؤسف ان الذين كانوا سبب قيام هذه الحكومة قرأوا جيداً ما سوف تكون عليه ردة فعل اللبنانيين على تصرّفات هذه الحكومة ووزرائها، وعلى تصرفات مجلس النواب المستسلم امام سقطات الحكومة وسوء ادارتها، وعرفوا ان اي ردّة فعل لن تكون بحجم الفساد المرتكب، وسوف تمرّ مرور الكرام، كما مرّت تحركات المجتمع المدني في السنة الماضية، على اعتبار ان ما ارتكب منذ سنوات بحق الشعب اللبناني وبحق لبنان الدولة والوطن، والذي تفاقم الى مستوى الفحش في مدّة الفراغ والتعطيل المستمرة منذ نهاية ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان، كفيل، ليس بادخال مسؤولين الى السجن فحسب، بل باسقاط هذه الحكومة، واسقاط النظام، وهذا ما يحصل في الدولة الديموقراطية ذات الانظمة المدنية والقضاء العادل الحر، ولكن في لبنان، ودولة المحاصصة الطائفية والمذهبية والسياسية، تنتهك التربية والصحة والثقافة، والبيئة، وينتهك الأمن والقضاء، وتنتهك الملكية الخاصة، واملاك الدولة، وتغتصب اموال الدولة في قلب مؤسسات الدولة، و«ىتبهدل» المواطن اللبناني في الطرقات يومياً، وعلى ابواب المستشفيات والدوائر الرسمية، والمدارس والجامعات، ولا مسؤول يحسّ او يهتم، لأنه يعرف سلفاً ان الشعب المنقسم طائفياً ومذهبياً وسياسياً، لن يتحرّك منتفضاً لكرامته وحقوقه، لأن العصبية أقوى من المواطنة، واقوى من الانتماء الى وطن ودولة، حتى ولو كانت على حساب حياته وحياة اولاده وعائلته.

* * * *

هذه الحكومة التي تضمّ ممثلّين عن الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود، اصبحت عبئاً ثقيلاً على الناس، فهي عاجزة حتى عن تنظيم السير، وعن جمع النفايات وعن ايصال الماء والكهرباء الى المنازل فهل يمكن ان تواجه الفساد وهي فاسدة، والقيام بواجباتها وهي عاجزة، وتسيير امور اللبنانيين وهي منقسمة، فلماذا استمرارها اذن، طالما ان استمرارها لا يقدّم شيئاً للمواطنين.

الواقع المحزن، ان الشعب اللبناني، لم يكن في يوم، مخدّراً، ومستسلماً مثله في هذه الايام يعاني القهر والعذاب والاهانة، والفاقة، ولا يفعل شيئاً سوى «النقّ» داخل اربعة حيطان، وكأن يخشى «النقّ» في العلن.

لهذا الشعب اقول، ما نادت به يوماً الفنانة الكبيرة، ماجدة، عندما حرّضته على الثورة في وجه الظلم قائلة: «قوم تحدّى الظلم… تمرّد… كسّر هالصمت اللي فيك».

لم يعد مقبولاً ولا جائزاً ولا صحياً لشعب يريد الحياة، ان يبقى صامتاً ومستقبله يكاد يضيع من بين يديه.