IMLebanon

كيف تُستعاد ثقة الناس بدولتهم؟

 

خلال الأيام الاخيرة لم نشهد تشكيكاً وإعلان لا ثقة الناس بالحكم والحكومة فحسب، بل شهدنا استعداداً، وهو الأخطر، للقفز فوق كل بديهيات وجود الدولة، ليس أخذاً بالثأر التقليدي وإنما نبشاً لبديهيات حرب أهلية كأنها لم تنته.

 

قامت الحكومة ما قبل الحالية، برئاسة سعد الحريري تحت شعار “استعادة الثقة”، ولم تتمكن من السير خطوة واحدة في هذا الطريق، ونتيجة يأس المواطنين اندلعت انتفاضة 17 تشرين، واعترف الحريري بأحقية مطالبها قبل ان ينسحب من الحكم. وعندما قامت حكومة حسان دياب بعد جهد وتعب، كان شعار استعادة الثقة لا يزال صالحاً للإستعمال، الا ان حجم عدم الثقة عند الناس كان بلغ حد “فقدان الأمل”، وقبل ان يجتاح الوباء البلد قدم اركان السلطة الجدد ورعاتهم من الطقم القديم عرضاً لا يبشر بالخير، وزاد الوباء في ايام هجمته الاولى في كشف ارتباطاتهم السياسية، بعد ان كشفَت الأيام الفاصلة بين تولي المسؤولية وقدوم “كورونا” عجزهم عن تقديم حلول للأزمة المالية والإقتصادية.

 

لن نزايد في ظروف الوباء القاتل وسنبقى نراهن على قيام هذه الحكومة بمهامها، اذ لا بديل عن سلطة تتولى المسؤولية، لكن ما جرى في موضوع التبرعات، عبر الـ MTV ضمن برنامج الزميل مارسيل غانم، أعطى اشارة قاطعة الى انعدام الثقة بالحكم ورموزه، فالتبرعات التي قاربت 30 مليار ليرة ستذهب مباشرة الى مؤسسات تعمل على الارض وليس عبر الحكومة.

 

هذا أمر يمكن ان يحصل لكنه لا يجب ان يطمئن كثيراً الحريصين على قيام الدولة المسؤولة عن مواطنيها. وفي المقابل جاءت استفاقة اصحاب القرار بقتل متعاون سابق مع الاحتلال الاسرائيلي، على ضرورة الانتقام من العملاء، بمثابة ايذان بإطلاق حملة قتل قد تقود الى تجديد حرب أهلية يفترض انها خُتمت منذ 1990. وليس مفهوماً حماس البعض لمثل هذه الأفعال بعد عقدين من انهيار الاحتلال الاسرائيلي وعملائه في الجنوب، وقيام القضاء بدوره في محاكمة المتعاملين، واستعجال قوى الامر الواقع توزيع شهادات حسن السلوك على التائبين وترفيعهم اجتماعياً في أوقات لاحقة.

 

لا الاستنكاف عن التبرع عبر الحكومة ولا القفز فوق السلطة لقتل الناس يبشران بالخير، ومن حسن حظ حكومة حسان دياب ان امتحانها الرئيسي تغيَّر ترتيب مسابقاته، وربما عبر نجاحها في مسابقة محاربة الوباء تسترجع ثقة الناس بالدولة وبالقانون.