نشهد اليوم منافسة المبادرات، بدءاً من المبادرات الإقليمية، والعالمية، (المبادرات الفرنسية، والأوروبية، والروسية، والأميركية والقطرية وغيرها)، وصولاً إلى المبادرات الداخلية الوهمية وتدوير الزوايا، فيما السياسيون هم الذين يُعطّلون البلاد، ويشلون العباد، وهم أنفسهم المسؤولون المباشرون وغير المباشرين عن الأزمة الاقتصادية، والاجتماعية، والمالية والنقدية الكارثية الراهنة.
يبدو انّ إطلاق المبادرات وتقديم الاقتراحات يهدف فقط الى تضييع الوقت أو كسبه. ووراء الستارة، هناك عدد من السياسيين يحفرون في الحضيض في هذه الأزمة الكارثية.
ألم يحن الوقت للمبادرة الأصيلة والوحيدة، وهي مبادرة الشعب والاستماع إلى صوته المحتقن والمكبّل؟ نعلم كلنا تماماً لسوء الحظ، ان كثرة المبادرات لا تُوصل إلى أي نتيجة، لأن كثرتها مثل قلتها. (كما أن كثرة الطباخين تُفسد الطبخة) وهذا ما شهدناه منذ عقود، الأمر الذي أوصلنا إلى هذه النتيجة الكارثية اليوم.
للأسف، حتى لو وصلت هذه المبادرات إلى شبه حلول وتوزيع الحصص، فإنها ستتحول إلى مبادرات لتسيير شؤون الحكومة بعد تأليفها، وسنتحول إلى جمود وتعطيل، من منصة إلى أخرى.
المبادرة الوحيدة التي علينا جميعاً أن نُحييها كمواطنين وكشعب لبناني، هي مبادرة الشعب التي ستكون الحجر الأساس لبدء استعادة الثقة: ثقة الشعب، وثقة المجتمع الدولي، وثقة المغتربين والمستثمرين، والشركات اللبنانية.
إنّ استعادة الثقة تبدأ من الاستماع إلى كلمة الشعب وآرائه الحرة، وهذا لن يحصل إلّا من خلال الانتخابات النيابية.
انّ ما شهدناه مؤخراً حيال نتائج الإنتخابات في البلدان المجاورة، أو جرّاء تعطيل الإنتخابات النقابية في لبنان وتفشيلها، لا يُبشّر بالخير لكن هذا هو الطريق الوحيد الشائك لبدء التغيير.
إن التغيير الحقيقي لم ولن يحصل عبر المقترعين القدامى فقط، الذين كانوا يُشكلون نحو 45 %، لكن سيحصل بنسبة 55 % للذين كانوا يُقاطعون أو يمتنعون أو لا يُدلون بصوتهم المحق. وأنه لإنجاز أن يحصل التغيير عن طريق الانتخابات، لأنه الحل الوحيد لتغيير اتجاه البوصلة. يبدأ من ارتفاع الاقبال على الإقتراع إلى نسَب مرتفعة جداً بهدف الاستماع إلى صوت الشعب الحقيقي بكل شفافية وشرف وشغف.
نُنهي ونُشدّد على أن المبادرة الوحيدة التي يُمكن أن تُنقذ البلاد وتستعيد الثقة، هي مبادرة الشعب اللبناني، ومبادرة المستثمرين والرياديين والمغتربين والشركات، من خلال انتخابات مراقَبة دولياً وشفافة، مع نسَب اقتراع مرتفعة للبدء بالتغيير وتدوير حقيقي للزوايا.
إن نجاح هذه المبادرة يبدأ بتحالفات المجتمع المدني والإقتصادي والإجتماعي بتوحيد الرؤية والاستراتيجيات الموحّدة، وتسمية المرشحين المبتكرين والمستقلين من أصحاب الأيادي البيضاء.