عيد حركة الشعب الليلة سيكون مختلفاً. للمرة الأولى منذ سنوات، سيحتفل «الرفاق» و»الرفيقات» بأنفسهم. للمرة الأولى، منذ مدة، يشعرون بأن الوثيقة التأسيسية للحركة التقدمية والتحررية والتغييرية، قد استخدمت ولم تبق شعارات على ورق.
الليلة عيد لناشطي وناشطات الحركة الذين شاركوا بفعالية في الحراك المدني، ولا يزالون ضمن مجموعة «بدنا نحاسب» في الشارع، يعتصمون ويصولون ويجولون أمام الوزارات والمحاكم والإدارات والمطامر، برغم انكفاء كثيرين.
في كلمته المنتظرة في حفل الإستقبال الذي تنظمه حركة الشعب مساء اليوم، لمناسبة الذكرى السادسة عشرة لتأسيسها، سيعرض رئيس الحركة نجاح واكيم جملة آمال وشعارات أطلقتها الحركة طوال السنوات الماضية، واستحالت أمراً واقعاً خلال العام الماضي. أبرز الشعارات: تغيير النظام الفاسد والتأسيس لمؤتمر داخلي في الحركة ينتج قيادة شابة تلائم التغيير الشامل المنشود.
في وثيقة تأسيسها، صنّفت الحركة نفسها بأنها «تغييرية لا تتبنى أيديولوجيا محددة وثابتة، هاجسها التحرر والوحدة الوطنية والقومية، ودافعها بغض الطائفية والإستعمار والاحتلال». وعلى المستوى المحلي اللبناني، نذرت نفسها لكي تكون «جزءاً من ورشة التغيير التي يضطلع بها نقابيون وسياسيون ومثقفون ونقابات وأحزاب، من أجل تحويل الخطاب الوطني اللبناني من مجرد خطاب وموقف إلى مشروع سياسي واجتماعي وثقافي شامل يتصدى للمشاريع الطائفية ويعمل على خلق مجتمع مقاوم للإحتلال الإسرائيلي وللمخططات الأجنبية». جوهر الوثيقة هذا، مارسه شبان الحركة وشاباتها خلال الصيف الماضي في مشاركتهم الفعالة في الحراك المدني، ولا سيما في مجموعة «بدنا نحاسب». كثيرون باتوا يحفظون وجوه الرفاق والرفيقات الذين تنقل وسائل الإعلام تحركاتهم مباشرة على الهواء. التصدي لـ «البارك ميتر» على كورنيش المنارة والإعتصام أمام معامل فرز النفايات في العمروسية والكرنتينا.
يؤكّد واكيم لـ»الأخبار» تمسكه باندماج حركة الشعب في جسم «بدنا نحاسب» وإن كانت معظم اجتماعات المجموعة تجري في مقر الحركة. لا يهم أن ينسب الحراك للحركة حصراً، بل الأهم أن الرفاق «كانوا من بين الأنشط، وعكسوا شعارات الحركة التي تنادي بها منذ تأسيسها، ونسجوا علاقات تقدمية ضمن بدنا نحاسب ويساهمون في وضع الخط وتنفيذها». تمسكه يعود أيضاً إلى إدراكه بأن التغيير في لبنان لا يمكن أن يكون أحادياً. فلو كانت الحركة من أطلقت شرارة الحراك المدني «لكنا احتجنا للقوى المماثلة لكي تؤازرنا وناشدناها الإلتحاق بالركب».
يصنف واكيم الحراك بأنه «غضب شعبي تفجر، ولم يكن بفعل هذه الجهة أو تلك، خارجية كانت أم داخلية، بل كان تعبيراً عن حجم المعاناة التي يعيشها». يعي أن المجموعات المتعددة ليست من فجرت الحراك، بل إن الناشطين استجابوا للمعاناة. فهل تراجع الحراك بعدما خف الزخم الشعبي؟ يرفض واكيم ما يشاع عن التراجع. «من يقول مشفقاً ومن يبشر شامتاً بأن الحراك قد فقد زخمه وتلاشى، فهم مخطئون ويستعجلون النتائج قبل أوانها أو أنهم واهمون». يتمسك واكيم بتفاؤله بالنتائج التغييرية التي سيحصدها الحراك في «النظام الفاسد». يعتمد على «النمو الشبابي الواعد» في حركته أولاً. يتحدث عن «خارطة طريق» وضعها ناشطو الحركة «لإنقاذ الوطن وبناء الدولة»، تستند إلى «قيام حكومة انتقالية ووضع قانون انتخاب وتشكيل برلمان جديد وانتخاب رئيس للجمهورية».
في ختام كلمته، سيذكّر واكيم المتحلقين حوله في العيد بالمرحلة الإنتقالية التي بشرهم بها في العيد الماضي. قال حينها إن القيادة الحالية تحضر لمؤتمر تنظيمي «سيحدث تغييرات كبيرة في بنية الحركة ومواقع المسؤولية فيها على جميع المستويات». اليوم، سيطمئنهم إلى «أننا أنجزنا الكثير خلال هذه السنة. وابتداءً من الأسبوع المقبل سيبدأ العمل لعقد المؤتمر التنظيمي الذي يحقق لنا ما نصبو إليه وما التزمنا به أمام رفاقنا».
لكن ما لم يقله لهم في العيد، ربما لكي لا ينغّص فرحتهم، أنه في العيد المقبل لن يكون رئيساً لحركة الشعب. مسار ورش العمل والإنتخابات المنتظرة في الفروع وقيادات المناطق وصولاً إلى القيادة الجديدة تشير إلى هذا المصير. ابن السبعين عاماً، قال في حديث سابق لـ «الأخبار» إن «القيادة الحالية توافقت على تسليم الدفة إلى الشباب والشابات الذين سيسلمون مواقع المسؤولية في المركز والفروع ويتقدمون إلى المواقع الأمامية». أما هو، فسيتراجع إلى الصفوف الخلفية. نسأل عن موعد التغيير في الرئاسة. يؤكد أعضاء في القيادة الحالية بأنه سيجري خلال المؤتمر التنظيمي المقبل في غضون الأشهر القليلة المقبلة.