عصر الفراغ حلّ على النافعة. معاملات الناس مُعلّقة على حبال الإضراب. الموظفون لا يحضرون لأنّ رواتبهم لم تدفع منذ ستة أشهر. خسائر فادحة تتكبدها خزينة الدولة ولا حلحلة في الأفق. لا نبض داخل نافعة النبطية، حركة العمل مشلولة وتُعيق معها المعاملات المرتبطة بتسجيل السيارات وتخليص الخدمات وغيرها. القضية مُعقدة، يسود الرعب من أن تطال التوقيفات الموظفين. ما يقارب 400 مليون ليرة تدخل نافعة النبطية يوميّاً، أي ما يقارب 10 مليارات ليرة شهريّاً. هذا الرقم كان يسجّل قبل الإضراب الذي دخل شهره الخامس والحبل على الجرار. الرقم مرجّح أن يرتفع 5 مرّات بعد فكّ الإضراب في ظل أزمة المعاملات المتراكمة، ما يعني أن بترول لبنان مُعطّل. خرجت النافعة عن الخدمة بإرادة الموظفين البالغ عددهم 14 موظّفاً، 12 منهم يتبعون لهيئة إدارة السير. هؤلاء لم يتقاضوا رواتبهم منذ 6 أشهر، وجاءت توقيفات النافعة لتقطع الطريق على أي عودة محتملة. لا تخفي مصادر داخل نافعة النبطية أنّ «جزءاً من الإضراب مردّه إلى هذه التوقيفات، لا يجوز توقيف الموظفين من دون سبب، أو بسبب «إكرامية 500 ألف ليرة». ولفت المصدر إلى أنّ «توقيف الموظفين والتحقيق معهم استغرق 20 دقيقة فقط، وألقي بهم في السجن لمدة ستة أشهر ثم خرجوا براءة. هذا الظلم من يدفع ثمنه؟».
لا يأبه موظّفو النافعة لتعطّل الدائرة وخسارة الدولة المليارات شهريّاً، طالما الأمور «فلتانه، فنحن لسنا كبش محرقة». و»يسألون عن دور التفتيش الإداري وغيابه». وإذ أكّدوا أنه «يجب التحقيق معهم داخل الدائرة ومن تثبت إدانته يُساق إلى التحقيق لدى الأجهزة الأمنية، وليس العكس»، لفتوا إلى «أنهم تحت القانون وليس فوقه، ولكن عشوائية التوقيفات تخيف الجميع».
إنعكس الإضراب على مكاتب تعليم قيادة السيارات، حيث شلّ الإقفال حركتها وتجمّدت أعمالها. فكلّ المعاملات متوقّفة. بعضها أقفل حتى إنجلاء الصورة. عادة ما تقوم هذه المكاتب بتخليص معاملات المواطنين من ألفها إلى يائها، خسائر بالجملة سُجّلت. في هذا السياق، يقول أحد أصاحب المكاتب فضل غملوش، «إن توقيف تجديد لوحات السيارات انعكس عليهم خسائر بالجملة. منذ أربعة أشهر وهذه المكاتب لا تنجز معاملة واحدة، عملها مرتبط بالنافعة». ينتظر فضل كما كل أصحاب المكاتب تعليق الإضراب لتعود الحياة إلى طبيعتها، طارحاً إشكالية خطيرة متعلّقة بفقدان اللوحات من السوق، و»الدولة عاجزة عن استيرادها وتوفيرها، وستتفاقم بعد تعليق الإضراب».
إلتصق مصطلح «دكّانة النافعة» بهذه الدائرة. فكلّ مُعقّب فاتح على حسابه. يضع التسعيرة التي تناسبه وفقاً لسرعته في إنجاز المعاملة. في العادة يُقدّم فواتير مضاعفة للمواطن. وكشفت المصادر أنّ «معقّبي المعاملات يضاعفون فواتيرهم 5 مرّات، في حين أنهم يحصّلونها من النافعة وفق السعر الرسمي». وتابع: «تتمّ التوقيفات بناءً على اعترافات المعقّبين»، مشيراً إلى أنّ «ما يخشاه الموظف هو الإفتراءات التي تُكلّفه سمعته إضافة إلى سجنه من دون سبب». آخر هؤلاء الموظّفين من آل دهيني، وهو مراقب عقد النفقات في النافعة أمضى 3 أشهر ثمّ أفرج عنه قبل أيام.
وأدّى توقف عمل النافعة إلى تعطيل عملية شراء وبيع السيارات، أو تراجع نسبتها بشكل كبير، ما يؤثّر على الحركة الإقتصادية. حتى تجديد «اللوحات العمومية» متوقّف. سائقو السيّارات العمومية على صراع مع الضمان الاجتماعي. يضطر السائق لدفع ضريبة تأخير الدفتر العمومي يوميّاً 100 ألف ليرة، وبلغت قرابة 12 مليون ليرة فقط ضريبة للضمان.
كان يُفترض أن يشهد ملف النافعة الأسبوع الماضي حلحلة وتحديداً في ملف الرواتب حيث من المرجّح أن يُعاد فتح 3 أقسام في النبطية، صيدا وطرابلس، غير أنّ استدعاء أحد المحاسبين الذي كُلّف حديثاً لمتابعة الملف، قد أعاد الأمور إلى نقطة الصفر.