IMLebanon

لكل شهر سجال  ساعة حوار

 

اللعبة مضبوطة في حوار الضرورة بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري. وما يرافق مواعيد الجلسات هو قليل من الوعود وكثير من الوعيد. ولا بأس في ذلك، مهما تكن الوقائع عنيفة والتوقعات ضعيفة. لا بأس، ولو بدا الحوار كأنه جائزة ترضية: لكل شهر من السجال ساعة من الحوار. ولكل جلسة حوار بيان مختصر جدا يحتاج صوغه الى براعة لغوية وسياسية لئلا يقول شيئا في جملة مفيدة.

ذلك ان السجال كان القاعدة في المنطقة، والحوار كان الاستثناء اللبناني منها. لا فقط السجال السياسي والتراشق بالتخوين والتكفير بل ايضا التقاتل بكل انواع الأسلحة في الصراع على الارض كما على السماء. حتى الحوار الذي يذهب اليه المتصارعون، بالاضطرار، ضمن مبادرات الامم المتحدة، كما في حال اليمن وليبيا وسوريا وسواها، فانه يدار عن كثب بين وفود في غرف منفصلة، مع ان المفاوضات بين العرب واسرائىل صارت تدور وجها لوجه. واذا كان لبنان قد تورط كثيرا في قدر السجال الاقليمي، فانه حافظ على خيار الحوار ولو بشكل متقطع او موسمي.

وليس استبعاد الحوار في نقاط الخلاف الاساسية بين حزب الله وتيار المستقبل سوى تسليم بالتوقف على مسافة من الخطوط الحمر الاقليمية. حتى ما تضمنه جدول الاعمال المختصر، فان الحوار حوله نجح جزئيا في تنفيس الاحتقان المذهبي، ولم يتقدم خطوة واحدة في ملء الشغور الرئاسي. لا بل ان موقف حزب الله في فرض ارادته في موضوع الرئاسة ازداد وضوحا وحدة في الطرح، بحيث بدا الاملاء كأنه وصفة لفراغ لا نهاية له في الافق. وفي الاساس، فان المواقف الثابتة في السجال من مواقع ثابتة يصعب ان تتغير في الحوار ما دامت المواقع ثابتة.

ولا مجال للرهان على اي اختراق في الحوار، لأن الحد الاقصى المرسوم للنجاح هو الحؤول دون انهيار الستاتيكو. ولا مبرر للخوف من فشل الحوار، لأن الحسابات تمنع النزول تحت الصفر الذي نحن على خطه. فما يضمن الحد الادنى من الاستقرار في الوضع اللبناني المرتبط بالاوضاع المتفجرة في المنطقة، وسط الانخراط في حروبها، هو حاجة القوى الاقليمية والدولية الى هذا الاستقرار لخدمة مصالحها في الوقت الحالي. وليس الحوار في حد ذاته. وما يقود الى انفجار الوضع ليس غياب الحوار وحضور السجال بل تبدل الحسابات في موازين المصالح او موازين القوى.

والحوار، تكرارا، مطلوب ومرغوب فيه، ولو كان على الفروع لأن طريق الحوار على الاصول مسدود.