IMLebanon

بدأت تطلع ريحة …  من حراك طلعت ريحتكم !

اذا كان بعض من يتولى مسؤولية تحريك الحراك المدني يتوهم أنه فوق المساءلة ورصد السلوك المريب، فهو واهم! وتعاطفت الناس مع حراك طلعت ريحتكم وحفظت له الجميل لأنه كان المبادر الى اطلاق حراك المجتمع المدني مع مجموعة من أقرانه، في حملة شعبية ضد الفساد والطائفية. وهذا لا يعني أن محركي الحراك قد حصلوا على تفويض غير قابل للعزل من الجمهور، وانه يحق لهم توجيهه في أي اتجاه يريدونه لتحقيق أهداف أخرى. ومن اطلق الحراك لا يحق له أن يحرفه عن مساره ساعة يشاء! وأولى الملاحظات الصادمة كانت عندما دعت هيئات المجتمع المدني الى تجمع كبير في ساحة الشهداء، ولبت غالبية الناس هذا النداء، رغبة في تحاشي الصدام مع القوى الأمنية. والفئة الوحيدة التي خالفت هذا التوجه هي بعض المنتمين الى حراك طلعت ريحتكم الذين توجهوا الى ساحة رياض الصلح، وتفننوا في استفزاز القوى الامنية، فكان ما كان من صدام وضرب بالهراوات، ورشّ بالمياه، وقصف بالقنابل المسيلة للدموع، بل وبالرصاص أيضاً! واستنكرت الناس ما حدث من الطرفين!

في الحراك الأخير كان الاستفزاز أكثر خطورة لأنه كان موجهاً الى غرائز الناس، وليس الى القوى الامنية التي أظهرت الكثير من الصبر والتحمل والحنكة بتجنب الصدام مع المتظاهرين. وكان الاتفاق بين مختلف هيئات المجتمع المدني التركيز على قضايا الفساد والطائفية والأمور المعيشية، دون الدخول في تسمية الزعماء، وتحاشي رفع الأعلام الحزبية والاكتفاء بالعلم اللبناني… ولكن في الحراك الأخير رفع بعض المتظاهرين صور بعض الزعماء مع هتافات مسيئة، فكان من الطبيعي أن يحدث رد فعل، كان محدوداً هذه المرة، ولكن لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحدث اذا تكرر الأمر… ليس مع هؤلاء الزعماء حصراً، وانما مع أي زعيم آخر! حراك طلعت ريحتكم بدأ ينزلق نحو اعتماد أساليب تطرح تساؤلات…

العدو الذي أعلنه حراك المجتمع المدني هو الفساد والطائفية. في التطبيق العملي اتجه حراك طلعت ريحتكم لمواجهة عدو آخر هو القوى الأمنية. وفي الحراك الأخير اخترع عدواً جديداً أطلق عليه تسمية معركة الساحات. وفي غضون ذلك تتراجع العناوين الرئيسية التي خرجت الناس تحت رايتها الى المرتبة الثانية. وأصبح عنوان الانتصار لدى طلعت ريحتكم هو الوصول الى ساحة النجمة، وليس التركيز على الاسراع باخراج النفايات من الشوارع، وأن تفعل الحكومة ذلك بالطريقة الصحيحة! وكأن الصراخ من ساحة النجمة هو غير الصراخ من ساحة الشهداء أو من ساحة رياض الصلح، أو من أية ساحة من النافورة والى أقاصي عكار!

بعض قادة الحراك المدني من واجبهم الحفاظ على الحراك السلمي المطلق، لأن أية دعسة ناقصة يمكن أن تغرق المجتمع اللبناني بالفوضى وبالدماء! وبعض أولئك القادة عليهم أن يكونوا أكثر حذراً، وبخاصة من هم من أصحاب الصوفة الحمراء، ممن سبق أن طلعت ريحتهم في مناسبات سابقة، قبل اطلاق حراك طلعت ريحتكم وأخواتها!

رؤوف شحوري في اجازة