IMLebanon

لعلَّهم تعبوا !

قد يكون صعباً تجاهل البعد المذهبي الغالب بقوة هذه المرة على آخر خطب السيد حسن نصرالله في ملف اليمن وهو الذي حاول التوفيق بين تناقضات يستحيل جمعها على سطح العربية “القومية” والمذهبية في آن واحد. هذا البعد يفترض ان يبدأ بتشكيل نقطة مراجعة لدى “حزب الله” بعدما أبرزت الفترة الاخيرة مردوداً داخلياً سيئاً لتصعيد الحملات التي يشنها على المملكة العربية السعودية والتي لا تجد تبريرات ولو نسبية حتى في مقارنتها بتلك التي لجأ اليها تبريراً لتورطه في سوريا. ونقول نسبية لأننا لا ندري كم هو مقنع بعد لجمهور الحزب ان تقفز أولوياته من مقاومة اسرائيل في الجنوب الى الحرب السورية الى العراق فالبحرين، ومن بعدها الى اليمن!

هل ثمة مقياس موضوعي للمدى الذي يثيره انخراط الحزب في الحرب اليمنية اعلامياً وسياسياً وتنظيمياً على ما كشفه حضور حوثيين للمهرجان الاخير في الضاحية الجنوبية لدى جمهوره؟ اغلب الظن ان هذه الاشكالية لم تغب عن الحزب ولا يجب ان تغيب بدليل بلورة نقطة صحية في المشهد الداخلي على رغم كل الصخب، وهي تراجع يصعب انكاره على المستوى “التعبوي” لجمهوره في الملف اليمني. ليس ثمة ما يوحي أبداً ان “عَصَب” هذا الجمهور مشدود بالمقدار التقليدي المعروف عنه في المسألة اليمنية الجاري اقحامه فيها. لا نسوق ذلك من منطلق قياس ولاء قواعد الحزب وجمهوره للسيد وللقيادة الحزبية، وهذا  ليس موضع تشكيك اطلاقاً، ولكن  العامل الطارئ في هذا الصدد بدأ يتكشف عن تعب واضح من تناوب الملفات الاقليمية وتراكمها بسرعة قياسية في جدول فئة داخلية لم تعد تحتمل زجاً لأجندات لا تعنيها مباشرة ولا تمس مصالحها الحقيقية، والاهم انها لا تستشعر خطرها على قضاياها القريبة والبعيدة إلا من باب التحسب لردود الفعل الخطرة على تورط الحزب فيها.

لو لم يكن الامر كذلك فما الذي يفسر بروز تمايز معلن للمرة الاولى بين الحزب وحلفائه في الملف اليمني على رغم كل الرسائل  المشفرة او المباشرة الموجهة الى بعض الحلفاء، اسوة بالهجمات على الخصوم احياناً، التي تبرز في بعض الاعلام المرتبط بالحزب لا سيما لجهة الموقف من السعودية وحلفائها اللبنانيين؟ ثم لماذا كان هذا الجهد المكثف في التركيز على اليمنيين “العرب الاقحاح” لو كانت المشكلة بين عرب وعرب فعلا؟ وحتى لو كان الامر كذلك فلا نعتقد أننا نجافي الموضوعية اذا لاحظنا تلك اللامبالاة التي باتت تطبع حتى جمهور الحزب تجاه صراعات المنطقة برمتها. ومن يدري؟ لعلها الضارة النافعة في معادلة تتأتى عن افراط غير متخيل في غلو استدراج التورطات حتى صنعاء، فيما يعتاد الجمهور المنابر دون مفاعيلها الصاخبة.