Site icon IMLebanon

مرحلة الإستحقاقات  

 

إنتهت «المعركة» الإنتخابية ولكنها مثل المعارك والحروب كلّها تستمر تداعياتها وتتفاعل طويلاً. ولقد يكون طبيعياً، أو على الأقل يكون مفهوماً أن ترافق المنافسات الإنتخابية السخونة أقله في السجالات، وأن تبقى الأجواء حارة أياماً وأسابيع بعد إنتهاء العمليات وإعلان النتائج… ثم تبرد تدريجاً. إلاّ أنّ المعركة عندنا أخذت تنتقل من صناديق الإقتراع الى الساحات، تمهيداً لبلوغها الذروة في مرحلة تشكيل الحكومة، وربّـما قبلها في مرحلة إنتخاب رئيس مجلس النواب.

 

الحماوة إنتقلت الى الساحات والشوارع فعلاً. حادثة الشويفات لم يكن سببها شجاراً على عقار، ولا كان خلافاً على أرض أو في مسألة إجتماعية، إنما كانت إمتداداً للشحن الحادّ الذي سبق النتائج ومضى حامياً بعد إعلانها.

وما شهدته ساحات وشوارع وزواريب العاصمة بيروت خصوصاً في قطاعها الغربي هو ايضاً من الذيول (البشعة جداً) للإنتخابات. وعلى حد ما علّق بعضهم: وين بدو يروح هالشحن في النفوس؟ لابدّ أن يتفجر في مكان ما، أو في أمكنة عديدة. فالذين شحنوا الناس (… الأتباع) ماذا كانوا ينتظرون؟!

ومع أنه من باب تأكيد المؤكد وتحصيل الحاصل (غير الحاصل الإنتخابي طبعاً) أن يعود الرئيس نبيه بري ليستقر قي قصر عين التينة، إلاّ أن البعض يحاول أن ينجح في عدم تسهيل مهمّة أبي مصطفى الذي يريد أن يستعيد مطرقة سيّد نفسه بالإجماع أو بشبه الإجماع أو بأكثرية تتجاوز ثلثي أسياد أنفسهم، وهذا أضعف الإيمان.

يقال كلام كثير في هذا المجال. يُشاع ويذاع ويملأ الأسماع أنّ التيار الوطني الحرّ يريد أن «يرد الرجل» للرئيس بري الذي وقف بقوّة ضد إنتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية هذا قبل التسوية التي قادها الرئيس سعد الحريري. ولما حسمت التسوية وصول الجنرال كانت جلسة الإنتخاب الرئاسي كما لايزال يذكر الجميع. فمن «الطبيعي» أن يكون موقف التيار مماثلاً. ولكن هذه الأقوال ليس لها ما يدعمها جدياً باعتيار أنّ الرئيس عون نفسه قد لا يكون في وارد هكذا مناكفة. ويقال إن الرئيس سعد الحريري هو أيضاً ليس مستعجلاً على إعلان تأييده عودة (بل استمرار) الرئيس نبيه بري في الكرسي الذي يشغله منذ ربع قرن.

وأما رئاسة الحكومة فهي أيضاً معقودة اللواء للرئيس سعد الحريري، ولكن المساعي العديدة تنصب لدى أطراف على عدم تقديمها اليه على طبق من فضّة، فلا بدّ من أخذ ورد تتخللهما مطالب مستحيلة التنفيذ وربما شروط تعجيزية… ولكن متانة التفاهم بين الرئيسين عون والحريري ستكون ذات دور فاعل في تسهيل مهمة الشيخ سعد الذي ينطلق من ركيزتين مهمتين أولاهما الكمّ الكبير من الأصوات الذي يبلغ 50 صوتاً (29 لتكتل لبنان القوي و21 لكتلة تيار المستقبل) إضافة الى كتلة نواب أمل الوازنة… ولكن المسألة ليست في التكليف بل في التأليف… وهذا يتداخل فيه الخارجي بالمحلي، والصراع في المنطقة تحديداً…