Site icon IMLebanon

الكلام المُباح

رفع الرئيس نبيه برّي سقف إنتقاداته للذين يعطلون التشريع أي أنهم يعطلون مجلس النواب بمقاطعتهم للجلسات التشريعية التي يدعو إليها إما لأنها غير دستورية في ظل استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، وإما لأنها تتجاوز المشاريع الضرورية التي تسمح بانعقاد المجلس النيابي، ورأى رئيس المجلس أن المعطّلين يخربون البلد إذ لا يجوز أن يعطّل مجلس النواب سواء كان موقع رئيس الجمهورية شاغراً، وسواء لم يكن هناك حكومة أو كان هناك حكومة تصريف الأعمال.

الرئيس برّي ليس وحده في هذه المعركة بل هو مدعوم من حزب الله الذي أعلن أنه يفصل بين الانتخابات الرئاسية والجلسات التشريعية ويرى أنه لا يجوز أن يعطّل التشريع بسبب استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، وهذا الوضوح في كلام حزب الله بلسان أرفع مسؤول فيه بعد الأمين العام، جعل حليفه العماد عون يسكت عن هذا الكلام المُباح ويُعيد الحساب في سياسته الداخلية التي تعتمد أولاً وأخيراً على دعم حزب الله له لإيصاله الى قصر بعبدا بالرغم من معارضة 14 آذار له، وهل ما زال الحزب يتبنّى ترشيحه ويسير به حتى نهاية المطاف أم أن ما قاله الرئيس فؤاد السنيورة عن مسألة دعمه عون هو الصحيح، وأن طرحه هذه الإشكالية يهدف منه إلى الإيقاع بين التيار الوطني الحر والحزب من أجل خلق حالة جديدة توصل إلى ما تسعى إليه 14 آذار وهو الإتيان برئيس توافقي لا يكون من 8 آذار ولا من 14 آذار.

وما يخشاه عون أكثر من ذلك أن يكون الرئيس برّي الذي حمّل نواب التيار مسؤولية تعطيل مجلس النواب قد تخلى بدوره عن دعم وصوله إلى قصر بعبدا ودعم وصول صهره العميد شامل روكز إلى اليرزة، خصوصاً وأنه ألمح في تصريحات سابقة إلى أنه مع تعيين القيادات الأمنية أولاً وثانياً وثالثاً لكنه مع التمديد لهم في حال تعذر وجود ثلثي أعضاء الحكومة مع التعيين وضد التمديد، ولذلك يعكف على درس الوضع الجديد الناشئ عن تخلي حلفائه الأساسيين عنه والسير في ركاب معارضي انتخابه رئيساً للجمهورية، وهل سيمضي في سياسة رفض التشريع إلا للضرورة القصوى حتى ولو انعكس ذلك سلباً على سمعة مجلس النواب التي عاد الرئيس برّي يتحمّس لها بعدما سبق له أن عطّل التشريع قرابة السنتين كرمى لحزب الله الذي كانت له رؤى مختلفة بالنسبة للتشريع وما هو أبعد من التشريع.

حتى الآن لا شيء يدل على أن العماد عون مستعد للتراجع عن قراره عدم التشريع في ظل استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية إلا إذا حصل على تعهد من الرئيس الحريري بوقوفه إلى جانب التعيين للقيادات الأمنية لإيصال صهره العميد روكز إلى قيادة الجيش وهذا ما سوف تكشف عنه الساعات والأيام القليلة المقبلة.