Site icon IMLebanon

العرب بين مشروعين مصيرهما الفشل: فارسي وعثماني

 

 

يبدو أنّ العثمانيين الذين حكموا عالمنا العربي ما يربو على الـ٥٠٠ سنة، عادوا الى طموحاتهم التاريخية بالسيطرة على بلاد العرب، سيما وأنّ بقاءهم الطويل في ربوع الوطن العربي، لم يجابه بردّة فعل قوية حتى ولو «ماذا فعلتم؟».

 

الحلم العثماني هذا بدأ رحلة العودة وبشدّة، وبلغ ذروته بعد اكتشاف حقول نفطية جديدة في الدول المجاورة لتركيا كلبنان وسوريا.

 

وتنفيذاً لهذا الحلم دخل الأتراك «اللعبة السورية» مع الإشارة الى أنّ علاقتهم بالرئيس بشار الأسد كانت ممتازة في بداية الأمر، لكن شهر العسل هذا كان قصيراً، وتفاقمت الخلافات بسبب رعونة بشار وجشع أردوغان وأحلامه.

 

في بداية الثورة السورية، دخلت تركيا على الخط، وفتحت أبوابها للمعارضة والمعارضين الذين لجأوا الى تركيا فوصل عددهم الى أربعة ملايين لاجئ، أقيمت لهم المخيمات، وأخضعوا لشروط قاسية، تحدّ من تنقلاتهم. وبالمناسبة فإنّ أكثر من ٢٠٠ معمل ومصنع سوري نقلت آلاتها ومعداتها الى تركيا… ولعبت تركيا دوراً قذراً بالإعتداء على الأراضي السورية، بحجة القضاء على الأكراد الذين تعتبرهم خطراً على أمن تركيا، خصوصاً وأنّ الأكراد في تركيا يبلغ عددهم ١٤ مليون نسمة ما يخيف النظام التركي بالتأكيد.

 

من ناحية ثانية، سيطرت القوات التركية على قسم كبير من سوريا، بحجة حماية نفسها، كما تدّعي من الأكراد، وهكذا أصبحت تركيا لاعباً أساسياً في المعادلة السورية بالإضافة الى الايرانيين الذين لعبوا أيضاً دوراً أساسياً.

 

لم تكتفِ تركيا بقضم قسم من الأراضي السورية، بل ذهبت الى ليبيا تحت عباءة «الإخوان المسلمين»، الذين يسيطرون على قسم من الشرعية الليبية. وهكذا أصبحت تركيا لاعباً أساسياً في ليبيا، فقام وزير خارجيتها منذ أيام عدة بزيارة خاصة وخاطفة الى هناك، وما كاد يترك الاراضي الليبية حتى أغار طيران، يُقال إنه «غريب» على أهم قاعدة عسكرية تاريخية، هي قاعدة الوطيّة التي كانت تسمّى قاعدة عقبة بن نافع، على اسم فاتح الاندلس، وقام الطيران بتدمير القاعدة كرسالة مفتوحة الى أردوغان، بأنه لا يستطيع أن يتمدّد في ليبيا كما يحلو له ويشاء.

 

كذلك، كان هناك تصريح لمسؤول عسكري تركي كبير، بأنّ تركيا تخطط لتركيب منظومة (S400) التي اشترتها من روسيا، ولكنها لم تركّبها في تركيا خوفاً من الاميركيين الذين هددوا أردوغان بتدميرها، وهنا لا تزال هذه الفكرة قيد الدرس لأنّ الأتراك – وكما قال خبير عسكري بالشؤون التركية – إذا خافوا من الاميركيين فلم يركّبوا المنظومة في تركيا، فكيف يمكنهم أن يركّبوها في ليبيا؟

 

الدور التركي في ليبيا دور سيّىء لأنه يرمي الى السيطرة على المنطقة الوسطى، من خلال دعم النظام التابع لـ»الإخوان المسلمين» برئاسة فايز السراج خصوصاً وأنّ ليبيا تعتبر من أهم بلاد النفط، ونفطها هو الأهم عالمياً، لقربها من أوروبا ما يوفر الكثير من المال من خلال تدني الكلفة مع إنجاز العمل في وقت أسرع.

 

المنطقة الوسطى التي تحدثنا عنها هي أغنى منطقة نفطياً في ليبيا، لكنها لا تزال تحت سيطرة حفتر وجماعته، بالرغم من أنّ تركيا أرسلت ٢٠ ألف مقاتل سوري الى هناك وهي تدفع للمقاتل ٥٠٠ دولار للقتال الى جانب «حكومة الوفاق» برئاسة السراج.

 

كذلك، فإنّ المشروع التركي كما ذكرنا بدأ بالتمدّد في العالم العربي، ابتداء من سوريا ومن هناك الى لبنان خصوصاً بعد تقديم مستشفى لصيدا بقيمة ٢٠ مليون دولار، الى تبني ومساعدة عدد كبير من المتطرفين الاسلاميين و»الإخوان المسلمين» الذين صار لهم وجود في لبنان.

 

من ناحية ثانية، يأتي المشروع الفارسي بأحلام ولاية الفقيه، وقد أعلن أصحاب المشروع أكثر من مرّة، أنهم يسيطرون على أربع عواصم دول عربية، هي: العراق وسوريا ولبنان واليمن. لكن هذا المشروع بدأ أيضاً العد العكسي ابتداء من العراق، حيث جاء الى الحكم رئيس وزراء هو الكاظمي، الذي لا يُنْكر ولاءه للشعب العراقي وبأنّ هذا الولاء أهم من ولائه للفرس، فبدأت المشاكل معه عندما قرر تحجيم جماعة «الحشد الشعبي»، وقام بعملية عسكرية ضدّهم وصادر أسلحتهم، لكنه أطلق سراحهم بعد فترة قصيرة.

 

في النهاية، نقول للعثمانيين وللفرس: إنّ عهد الاستعمار ولّى الى غير رجعة، وحرية الشعوب فوق كل هذه الظواهر غير الطبيعية التي لا يمكن لها أن تعيش لأنه لا يصحّ إلاّ الصحيح.