نتناول اليوم في وقفة مطوّلة «الشعوبيّة الإيرانيّة» اليوم «وهيئتها» في الألفيّة الثالثة، إذ لم يتغيّر حرفٌ واحد من مخططها الأزليّ للسيطرة مجدداً على العالم العربي، وعلى «شتم» العرب و»تحقيرهم»، وهذه الوقفة قادتنا إليها مقالة كتبها رئيس تحرير وكالة مهر الإيرانية «حسن هاني زاده»، واصل فيها «دأب» أجداده المجوس في «إهانة» العرب و»تحقيرهم»، وتحت عنوان شديد الخطورة هو: «الوحدة بين إيران والعراق لا بدّ منها»، وبحسب زاده فإن «الشعبيْن العراقيّ والإيرانيّ تربطهما «وشائج دينية وتاريخية» حصرها هاني زاده بكون «الأغلبية من سكان العراق معروف انتماؤها العقائدي إلى مذهب أهل البيت»، ورأى «أن الإرهاب يضرب ذلك البلد (العراق) بسبب «الحقد العربي الدفين إزاء أتباع أهل البيت» أي الشيعة»، إذن هذه هي «اللغة» التي نطقت بها مقالة زاده لتكون سبباً وجيهاً لقيام «وحدة بين إيران والعراق»!!
حقّر زاده العرب فتوجّه في مقالته إلى العراقيين وبـ»لغة شعوبيّة حديثة» بالقول: «على الشعب العراقي وبالتحديد البرلمان العراقي أن يتجه نحو الوحدة مع أصدقائه الحقيقيّين وينسلخ من ثوب العروبة المزيفة لأن كل ويلات العراق سببها وجود العربان (…) ووجّه زاده الدعوة إلى العراقيين لترك «العروبة المزيفة الجاهلية وتراب «الذل العربي» وتغيير ملابسهم بعيداً عن «الدشداشة والكوفية»!! ولا يُفاجئنا أبداً كلام حسن هاني زادة، فهذا هو الوجه «الإيراني ـ الفارسي» الحاقد تاريخيّاً على العرب، وهو حقدٌ عاد وتنامى وزادت حدّته منذ عودة الخميني إلى إيران، وإذكائه هذه الروح طوال سني الحرب «العراقيّة ـ الإيرانيّة» فكراهية الفرس للعرب تاريخيّة، وما يدور اليوم من صراعات إقليميّة في المنطقة تسميتها الحقيقيّة هي «الصراع العربي ـ الفارسي»، وتُخادع إيران مجدداً بخدعتها التاريخيّة الدينيّة «الحقد العربي الدفين إزاء أتباع أهل البيت»، وهذا العنوان لم يتغيّر منذ دمّرت إمبراطورية ساسان، ولن تقوم لها قائمة مجدداً مهما حاولت إيران!!
أمعن حسن زاده في خبثه «الفارسي» فقال: «ليس العراق وحده الذي أصبح معرّضاً إلى هذه الضغينة والأحقاد الدفينة بل كل شريحة عربية أو غير عربية تنتمي إلى مذهب أهل البيت هي أيضاً معرضة لمثل هذه الأحقاد. سوريا، لبنان، باكستان وأفغانستان واليمن ضمن البلدان التي تتعرض إلى اضطهاد جهات متطرفة بدوافع طائفية بحتة راح ضحيتها الآلاف من أتباع أهل البيت»!!! هكذا؛ تبدو «خارطة» زاده الفارسية واضحة، تماماً كخارطة «داعش» التي وضعتها للدول التي تستهدفها لإقامة «خلافة مزعومة»!! إيران و»داعش» «الحليفان الكبيران» لأخذ المنطقة إلى «حروبٍ دينيّة» لم يشهد مثلها التاريخ العربي حتى في أسوأ مراحله وجنونه!!
إذن ؛ خرجت «شعوبيّة» إيران «الحديثة» إلى العلن، ومن دون مواربة، وللتاريخ، ثمة «غباء فارسي» لم يتعلّم الدّرس منذ «نكبة البرامكة»، بل منذ وضع الفرس كتبهم في العهديْن العباسي والصفوي، منذ كتاب «مثالب العرب» لهشام بن الكلبي، أو منذ معمر بن المثنى وهو من يهود فارس الذي ألّف كتباً كثيرة تعرّض فيها للعرب منها «لصوص العرب» و»أدعياء العرب» كما ألف كتاب «فضائل الفرس» وألف «عَيْلان الشعوبي» كتاب «الميدان في مثالب العرب»، ومن جملة ما وضعته المدرسة الصفوية، كتاب «بحار الأنوار» للمجلسي الذي جاء بمئة وعشرون مجلداً وقد دوّن فيه ما طلبه الصفويون من الروايات والقصص التي تساعد على نشر بذور الفتن والتفرقة العنصرية والطائفية ويحمل الكتاب بين دفتيه أفحش الجمل واغلظها ضد رموزنا الدينيّة العربية الإسلامية، وكذا كتاب «مفاتيح الجنان» لصاحبه عباس القمّي وهو أيضاً زاخرٌ بالسباب واللعنات للعرب وذلك كله بحجة الدفاع عن أهل البيت!!
ومن نماذج هذا الانتقاص والتحقير الذي كتبها الفردوسي في الشاهنامة (411- 329هـ) تلك الأبيات التي يقول فيها: «زشير شتر خور دن وسو سمار/ عرب را بجايي رسيد أست كار كه/ تاج كيانرا كند آرزو/ تفو باد برچرخ كردون تفو»، وقد ترجمها الدكتور محمد علي آذر شعب الملحق الثقافي الإيراني السابق في دمشق وأستاذ الأدب العربي بجامعة طهران هكذا: «من شرب لبن الإبل وأكل الضب/ بلغ الأمر بالعرب مبلغاً/ أن يطمحوا في تاج الملك/ فتباً لك أيها الزمان وسحقاً»!! وتناقل الفرس جيلاً بعد جيل حقدهم على العرب، حتى وصل الصفويون، الذين ألبسوا «شعوبيتهم» ثوباً جديداً، هو ـ الطائفية ـ كما «تلبّس» حسن زاده اضطهاد أتباع آل البيت ـ تلبّس الصفويون «التشيّع» وادّعوا النسب العلوي بالرّغم أن المؤرخين الفرس يؤكدون أن إسماعيل الصفوي مولود لأم أرمنية وأبٍ أذري، وكان جدّه صفي الدين الأردبيلي شيخ طريقة صوفية سنية…
ويظلّ دائماً خير من كشف ضغائنهم وحقدهم «شاعرهم الرودكي» الذي قالها بصراحة: «عمر بشكست پشته هجبران عجم را/ برباد فنا داد ر وريش جم را/ اين عربده وخصم خلافة زعلي/ نسيت با آل عمر كينه قديم أست عجم را» وترجمتها: «الصراع والعداوة مع العرب ليس حبّاً بعليّ والدفاع عن حقّه في الخلافة/ ولكنّها البغضاء والعداوة لعًمَرَ الذي كسر ظهر العجم وهدَّ حضارتهم».
أخيراً، تبقى لنا كلمة: «الآتي؛ لن يخيف اللبنانيين ولا العرب، لأنّ الصادق الأمين دعا على كسرى أن يُمزّق الله مُلْكَه، وها هو مُلْكُه متناثرٌ قلقلات في العالم العربي، ولن يلتئم أو يقوم مُلْكٌ دعا عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يتمزّق، فنحن نصدّق نبيّ الله ونؤمن به، وبأن كلّ ما قاله صدقٌ وحقّ لأنه: «لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يُوحى» [سورة النجم]، صدق الله ورسوله، وكذبت إيران وكلّ مخطّطاتها!!