Site icon IMLebanon

من هو المُتسبِّب لهذه الجــرائم المتمادية؟؟!!

 

للأسف بات المواطن اللبناني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان عُرضة لمختلف المخالفات القانونية والدستورية ولمختلف البدع والمنظومات السياسية القاتلة بحقّه وحق الوطن، فصار لِزاماً علينا كباحثين ومتخصصين في الشؤون السياسية الإستراتيجية أنّ نلفت نظره لكل المخالفات التي تحصل كما من المُلزم إعداد مواطنينا إعداداً صحيحاً للحياة الوطنية وللخدمة الوطنيّة الصرفة بعدما بات الأداء السياسي الحالي مدخلاً لتدمير الوطن ومؤسساته المدنية والعسكرية.

بداية أودّ الإشارة إلى أنّ الأخلاق الحميدة وعذراً من بعض ساسة اليوم غير موجودة على الإطلاق، ولا قواعد للسلوك الفردي عند السياسيين، ولا كرامة شخصية وبالتالي لا كرامة وطنيّة، ولا عمل برلماني – تشريعي ، ولا مُثُل عليا للمجتمع السياسي، بل تبعية وإرتهان على المستوى الشخصي ورهن الأفراد وبصريح العبارة رهن الدولة بأسرها والويل لمن يُثير هذا الموضوع.

من المؤسف أينما حللنا وكيفما توّجهنا في لبنان تقرع آذاننا الشتائم والمكائد على إختلاف أنواعها ودرجات قبحها يتفوّه بها ساسة لبنان وأنصارهم، وممّا يُدمي قلوبنا نحن شعب لبنان المثقّف أنّ هذه الشتائم وتبادل الكذب لا تصدر عن أناس توّلوا الشأن العام بل تتعدّاهم إلى أنصارهم الذين يُقلّدون «معلميّهم» ويتلفّظون في أغلب الأحيان ألفاظاً بذيئة لا تليق بهم وبعائلاتهم ولا بالوطن الذي ينتمون إليه… أصبحتْ لغة الإباحية السياسية لغة شائعة على لسان هؤلاء السّاسة ويتناقلها دونما خجــل أنصارهم على كل الأراضي اللبنانية.

قال أحد الباحثين «إنّ أي رجلا سياسيا هو كالفرس الجموح إذا ضبطها راكبها وكَبَحَ جماحها وجّهها حيث يشاء وإنْ هو لم يقدر عليها أوردته موارد التهلكة»، على ما يبدو وللأسف إنّ الذين يتعاطون الشأن العام في لبنان يفتقرون للعقل الموزون وصحّ من قال «إنما تُفاضل الناس بالعقول لا بالأصول»، فالعقل السياسي مفقود عند أغلبية أمراء السياسة في لبنان وفي العمق ساسة لبنان يتصرفون بحالات لا وعي وعدم تحكيم العقل. والمنطق في علم السياسة يقول «الرجل السياسي العاقل يوجِّه ميوله السياسية توجيهاً صحيحاً حكيماً، وفقاً للقوانين المرعية الإجراء فيّهذبها ويدمثها ويرفعها من المستوى الفاشل إلى المستوى السياسي الراقي»، إنّ هذه الحكم غير متوّفرة في ساسة ينتهجون سياسة رعناء أنهكت الدولة بمؤسساتها المدنية والعسكرية وأنهكت شعب لبنان.

في هذه المقالة سأختصر ثلاثة مواضيع جوهرية يهملها ساسة لبنان ألا وهي: أولاً – السيادة الوطنية، ثانياً – السلاح غير الشرعي، ثالثاً – القضاء المُسيّس.

أولاً – للسيادة صفة مطلقة وهي غير محدودة، والسيّد يحدّه قانون سماوي وقانون طبيعي، وهكذا نمط النظام السياسي أي البناء الدستوري، وإنّ السيادة مُقيّدة بالعهود والمواثيق أي الإتفاقات والمعاهدات سواء أكانت تتعلق بالشعب الذي يعيش في كنف دولة أو بالمعاهدات مع دول أخرى. تاريخياً بعد الحرب العالمية إحتّلت مسألة السيادة وحق تقرير المصير مكانة الصدارة في السياسة الدولية، ويمكن إعتبار تطوّر مفهوم السيادة بمثابة تأريخ للعلاقة بين القانون وتطبيقه. وأيضاً من الناحية القانونية فإنّ الدولة صاحبة السيادة لها أن تحقق أربعة شروط حسب معاهدة Montevideo (حقوق الدول وواجباتها) الصادرة في 26 كانون الاول 1933، حيث من المفترض أولاً أن تمتلك الدولة قاعدة مكانية Territorial لها حدود جغرافية معرّفة قانونياً. ثانياً وجود شعب مستقر يعيش تحت ظل القانون، ثالثاً هذا الشعب يجب يظهر ولائه المطلق لنظامه السياسي، رابعاً ينبغي على هذه الدولة أن تتمتع بالإعتراف الدبلوماسي من الدول الأخرى وأن تكون مصدر إطمئنان لا مصدر قلق وخوف. إنّ هذه المعايير القانونية في لبنان تواجه العديد من التحديات السياسية والواقعية، فالجمهورية اللبنانية تفتقد السيادة الوطنية المطلقة على كافة أراضيها، كما هي تواجه مشاكل هجرة أبنائها وتحديأت عدم إنصياع بعض المكوّنات اللبنانية للقانون.

ثانياً – السلاح، من حيث المبدأ إن السلاح غير الشرعي والحد من إستيراده ليسا فقط أداتين للحفاظ على السلم والأمن الدوليين وحتى السلم الداخلي، أو منع أي نزاع مسلّح وإنهائه، وهذا هو مبدأ أساسي يسعى إليه القانون الدولي الإنساني. وفقاً لمبدأ «العلوم العسكرية» من المفترض تحقيق توازن عملي بين الضرورة العسكرية الشرعية حصرياً والواجبات الإنسانية، حماية للأوطان وللمدنيين، وإستطراداً يُجسِّد القانون الدولي الإنساني المبدأ القائل بأنّ الضرورات العسكرية الشرعية حصرياً لا يمكن أن تبرِّرْ إستخدام وجلب الأسلحة وأساليب عسكرية بالطرق العشوائية واللاقانونية. اليوم لبنان يواجه تحديات كبيرة إذ يُرصد إتجاه من شأنه أن يُشكّل توطئة لحرب داخلية أو لحرب إقليمية، وهذان الإتجاهان هما: جلب السلاح من إيران إلى لبنان، تهديد بشنّ حرب على إسرائيل… ويكفي أن نستذكر حادثة الكحالة وما أسفرت عنه من ضحايا أبرياء، دونما تذكير القارىء الكريم بحرب العام 2006، حيث تمّت محاولة خرق الخط الأزرق المعترف به دولياً ممّا أعقب قصفاً إسرائيلياً وحشياً شمل كل الأراضي اللبنانية علماً أنّ هناك معلومات دبلوماسية أفادت في حينه وعلى هامش مفاوضات «تبادل الأسرى» أن هناك ضربة إسرائيلية موجعة إن تخطّى لبنان أصول قواعد اللعبة. إنّ معالجة موضوع السلاح غير الشرعي تتطلب مرونة من كل الأطراف وخصوصاً من المجتمع الدولي لناحية تطبيق قانون العلاقات الدولية بين الدول.

ثالثاً – القضاء لا يقوم إستقرار في الدول إلاّ على ثلاث: قضاء عادل – نظام تعليمي فاعل، رعاية صحية شاملة. إنّ النظام القضائي الفاعل هو النظام الذي يتماشى مع مجريات العصر من تطور وتفاعل، أي هو النظام القضائي الذي لا تأخذه في الحق ملامة فلا تهاون ولا مغالاة، وهو النظام الذي تجري به الفعاليات القضائية بالسرعة المطلوبة فلا تباطؤ ولا تدخلات، ولا يترك مجالاً من الزمن غير اللازم فيأتي على حقوق الأوطان والشعب فيهلك الجميع كما هو حاصل اليوم.

ممّا أسلفته لا شك أنّ هناك إهمالاً متعمّداً من قبل السلطات المتعاقبة على ممارسة النظام السياسي في لبنان في حصد أرواح المواطنين اللبنانيين الأبرياء، والظاهــر أنّ جريمة الإهمال الوظيفي باتت شائعة ومن المفترض التصّدي لها عن طريق القانون للحفاظ على أرواح اللبنانيين. وفي هذه المقالة أسأل المعنيين، رجال دين وساسة علمانيين وعسكر، ما هو موقفكم من وقائع الإهمال هذه التي أطاحت وزهقت بأرواح الكثير والكثير من الأبرياء وكان آخرها: قضية شاحنة الكحالة – مقتل مواطن في الجنوب – سقوط طوّافة عسكرية أدّت إلى إستشهاد ضابطين من قوى سلاح الجو في الجيش اللبناني إضافة إلى جريح – إفتقار اللبنانيين إلى كل مقومات العيش وفقاً لشرعة حقوق الإنسان؟ وفقاً للقانون وإستناداً لأحكامه المسؤولية هي تلك المهمة الموكلة إلى أحد ما بحكم موقعه لأن يقوم بعمل يتوجب عليه أن يتخذ الحيطة والحذر ومراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة للقيام بمهامه على أكمل وجه، حيث لاحظت كباحث أنّ الإهمال من قبل الجميع: علمانيين – كنسيين – عسكريين، تتسبّب في قتل الأبرياء دون سبب أو ذنب غير أنهم وقعوا ضحية لهذا الأمر الذي قصّر في القيام أداء وظيفته سواء أكان رئيساً للجمهورية أو رئيساً للبرلمان أو رئيساً للحكومة أو وزيراً أو نائباً، أو قائداً… لأسأل من هو المتسبِّب في هذه الجرائم المتمادية على مرِّ السنين دونما نسيان جريمة مرفأ بيروت «جريمة العصر» والجرم الأكبر وقف التحقيق؟! ربّي أنقذنا من جهلهم وغيظهم وحقدهم وعمالتهم.