IMLebanon

مصالح شخصية «تختبئ» خلف المطالبة باستعادة حقوق المسيحيين

لطالما شكّل شعار «استعادة حقوق المسيحيين المسلوبة» المزعوم بيرق النائب ميشال عون المفضل الذي يتلطى به ليحقق مصالح شخصية او عائلية او حتى حزبية. فتهديده، الذي يترجم عمليا اليوم، بالتحركات الشعبية، مع ما تختزنه من مخاطر، هو الوسيلة الوحيدة المتبقية له للاسراع بتحقيق نجاحات موهومة قبل ان تستفيق المنطقة على متغيرات تعقب التوافق الايراني – الغربي على الملف النووي، او تعقب انهيارا مفاجئا للنظام السوري.

فعون يسعى حاليا الى شلّ الحكومة بذريعة فرض تعيين قائد جديد للجيش، هو فعليا صهره، بندا اول على جدول اعمال مجلس الوزراء الذي اناط الدستور برئيس الحكومة وضعه وإطلاع رئيس الجمهورية عليه. وهو يريد للوزراء جميعهم ان يكونوا رؤساء جمهورية بمعنى ان يوافقوا على جدول الاعمال وإلا فتعطيل آخر مؤسسة شرعية عاملة. اذ ان كرسي الرئاسة الاولى ما زال شاغرا منذ ثلاثة عشر شهرا بسبب تمنع عون وحلفائه عن النزول الى البرلمان الا لانتخاب عون. اما البرلمان فشبه مشلول مع تحوله الى هيئة ناخبة بحيث اختلف الفرقاء على دوره التشريعي، أيكون معدوما او يصبح مقبولا عند الضرورة؟

فمنذ اسابيع بدأ عون بتجييش انصاره لمواجهة سرقة حقوقهم من قبل تيار «المستقبل»، محملا «الاعتدال السني منفردا مسؤولية خسارة المسيحيين مكتسبات كانوا يتمتعون بها في الجمهورية الاولى«، رغم ان الغالبية من كل الطوائف تتوافق على ضرورة اعادة النظر في امكان موازنة بعضها عندما تكون الظروف طبيعية والمواطنون متساوون لا يحمل فريقا منهم سلاحا يشهره في وجه الآخرين.

وفيما تضج المنطقة بمواجهة سنية – شيعية، ساخنة في مواقع وباردة في مواقع اخرى، يندرج تركيز عون على «تيار الستقبل» وصولا الى وصمه «بالداعشية السياسية» في اطار نقل المواجهة الى تقابل سني – ماروني بما يخدم مصالح «حزب الله» في الابتعاد عن مواجهة مذهبية ويسمح له بالانخراط الكامل الى جانب بشار الاسد، وفق سياسي لبناني متابع اقرب الى الوسطية منه الى فريق 14 او 8 آذار. فلو ان عون يسعى فعلا الى تحسين مشاركة المسيحيين في الدولة لكان مثلا استغل فرصة مشاركته بحصّة وازنة في حكومة حليفه «حزب الله» السابقة التي رأسها نجيب ميقاتي. 

كما ويصب اتهام شركاء في الوطن بـ»سرقة» حقوق المسيحيين في مصلحة دعوة «حزب الله» الى مؤتمر تأسيسي يحل محل «اتفاق الطائف« ويستند الى المثالثة بدلاً من المناصفة. فالتيار «الوطني الحر« يفضل بوضوح «مثالثة فعلية على مناصفة دفترية» خصوصا وان الكلام عن ضرورة مؤتمر تأسيسي بات شائعا في الوسط المسيحي، وفق المصدر نفسه.

كما وان تفرده المزعوم باستعادة الحقوق المسلوبة يحرج المسيحيين الآخرين، سواء كانوا من الحلفاء او الخصوم، ومن بينهم من لا يتبنى اتهاماته بل يعارضها بالكامل. فورقة اعلان النوايا مع «القوات اللبنانية« أنجزت لتخدم استقرار البلد، لكن عون وضعها في خدمة استقرار وضعه السياسي. فالمؤشرات تدل على ان هذه فرصته الاخيرة لتحقيق غاياته الشخصية قبل انجاز توافق نووي آت وإن تأخر توقيعه لغايات التسويق الداخلي في إيران والولايات المتحدة، او قبل انهيار مفاجئ للنظام السوري..

لكن مخاطر استخدام عون للشارع تبقى واردة رغم اختلاف الاوضاع عما كانت عليه في 23 كانون الثاني عام 2007 عندما قام انصاره بقطع طرق لم يتدخل الجيش لفتحها، بما اضطر المواطنين الى القيام بالعمل. ويذكر المصدر ان عون لم يكن وحيدا حينها بل كان «حزب الله» الى جانبه في الطرقات، فيما ان الحزب الراغب حاليا في الحفاظ على الاستقرار قد يوافق على «زعزعة مضبوطة» إرضاء لحليفه خصوصا عبر رفد تحركاته بـ«سرايا المقاومة». كما وان الجيش من المتوقع ان يكون بالمرصاد لأي تحرك داخلي يلهيه عن التركيز على المواجهات العسكرية التي يخوضها شرقاً في مواجهة تمدد الارهاب.