لن يحمل اليوم أيّ تغيير في قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان مع أنه يومهم العالمي. الفرق أنّهم لن يكونوا وحدهم أصحاب المطالب «غير المسموعة» في الساحات. قضاياهم سبق وحملها محمد الزعبي بقدم مبتورة وعكاز إلى ساحة النور في طرابلس، فتحوّلت صورته وهو يشارك في التنظيف إلى «أيقونة». مشكلة محمد لم تكن مع طرفه المبتور (تبرّع أحد الأطباء بتركيب طرف اصطناعي له)، بل مع «عدم تأهيل الدولة والوزارات المختصّة للطرقات لتسهيل حركتنا وتنقّلنا». مشكلتهم الأخرى مع «بطاقة الشؤون»، التي لم تنفع أحمد عبد العال، الشاب المعوّق الذي دوّت صرخته «بدي آكل من زبالة بلدي!». تلك البطاقة حملها أحدهم مع دلو مياه إلى ساحة الشهداء، ودوّن فوقها «بلّوها واشربوا ميّتها!».
في يومهم العالمي (3 كانون الأول) يستمرّ الأشخاص ذوو الإعاقة في رفع المطالب نفسها: مصادقة لبنان على الاتفاقيّة الدوليّة لحقوقهم والذهاب إلى قانون جديد وفق روحيّتها، أو تعديل القانون 220/2000 الخاص بهم. والأخير مرّ على صدوره 19 عاماً ولم يتمّ تطبيق إلاّ القليل منه، لعدم إقرار مراسيمه التطبيقيّة. فقد أقرّ مرسومان: الرقم 2214 (عام 2009) الخاص بإجراءات مشاركتهم في الانتخابات النيابية والبلديّة ولم يظهر تطبيقه خلال الانتخابات الأخيرة، والرقم 7194 (عام 2011) الخاص بمعايير تأهيل الأبنية والمرافق العامة، وانتهت مهلة تنفيذه قبل عامين. مطالبهم تتخطّى سياسة الرعاية والعزل التي تُبدع فيها الدولة، إذ ترعى ما يُقارب 10 آلاف معوّق بينما يتخطّى عددهم في لبنان الـ100 ألف. هم يريدون دمجاً كاملاًَ في المدارس والوظائف، ومرافق عامة وأرصفة وطرقات ومطاعم ونوادي مؤهلة لاستقبالهم، وأبسط حقوقهم بالطبابة والسكن والعمل.
توازياً، سُجِّلت اعتصامات مطلبيّة لمؤسّسات مقدّمي الخدمات والرعاية للمعوّقين، وهو ما يطالب الناشطون الحقوقيّون بـ«تفريقه عن مطالبنا الدائمة، وعدم توظيف الأطفال المعوّقين أو اليوم العالمي الخاص بنا للحصول على مطالب محقّة من الدولة». فقد سجّلت دعوة للاعتصام، العاشرة صباح اليوم، للاتحاد الوطني لشؤون الإعاقة الذي يضمّ 102 مؤسسة تهتمّ بنحو 12 ألف طفل معوّق، كخطوة تحذيريّة للمطالبة بـ«سداد مستحقات عام 2019، إصدار العقود الخاصة من ديوان المحاسبة ثم إحالتها لوزارة المالية للصرف، ودفع سلفة 60% على العقود للمؤسسات تُسدَّد لاحقاً من ميزانية المؤسسات».
ترعى الدولة نحو 10 آلاف معوّق بينما يتخطّى عددهم في لبنان الـ100 ألف
في هذا الإطار، يوضح رئيس المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان الدكتور نواف كبارة، أن «قضيّة الإعاقة يعبّر عنها أصحابها، أما دور المؤسسات فهو تقديم الخدمات ويعود للأشخاص ذوي الإعاقة اختيار الخدمة والدعم بناء على تصنيف علمي للإعاقة، ومن واجب الدولة أن تدعم البرامج الدامجة». الملاحظة التي يبديها كبارة تصبّ لناحية «أن تلك المؤسسات مرتبطة بالجسم الديني أو السياسي، ومشاكلها مع وزارة الشؤون يفترض حلّها، إنما خارج يومنا العالمي ومن دون استخدام الأطفال لهذه الغاية»، لافتاً إلى أن «قضيّتنا ليس مشكلها مع الشؤون وحسب، بل مع مختلف الوزارات مثل الأشغال والصحة والعمل التي لا تعمل على دمجنا وتسهيل حياتنا».
حملة لـ«الصليب الأحمر»: نحو الدمج الكامل
لمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، تطلق اللجنة الدولية للصلب الأحمر في لبنان، بالشراكة مع جمعية arcenciel، حملة لـ«مواجهة الوصم الذي يعاني منه الأشخاص ذوو الاعاقة وتشجيع الإدماج الاجتماعي» وفق المتحدثة الرسمية باسم اللجنة رونا الحلبي. الحملة تنطلق بفيديو يبيّن الحياة اليوميّة لأولئك الأشخاص قبل أن يصطدموا بالمعوقات المفروضة من البيئة غير الدامجة والرافضين لهم. واللجنة كانت سبّاقة عام 1979 إلى إطلاق برنامج «إعادة التأهيل البدني» خلال الحرب اللبنانية وقد تولّى تأهيل مصابي الحرب ومبتوري الأطراف، واليوم تطوّر ليشمل الدمج الاجتماعي ومعالجة من تعرّضوا لحوادث سير أو وُلدوا بإعاقات جسديّة.