IMLebanon

تشاؤل

 بعض اللبنانيين، ما زالوا يراهنون على الحوار الجاري بين تيار المستقبل وحزب الله بأن يحقق نقلة نوعية لا تقف عند إشاعة مناخات تبريد الاحتقان المذهبي بين السنّة والشيعة والناتج بالدرجة الأولى عن الشحن السياسي بين الفريقين بل تتمدّد لتشمل الاستحقاق الرئاسي المتهم حزب الله بأنه يعطّل هذه الانتخابات عمداً، لأن بقاء لبنان بدون رئيس الجمهورية يخدم مشروعه الإقليمي أو لأنه ما زال بفضل هذا التعطيل يراهن على اقتناع خصومه قوى الرابع عشر من آذار بانتخاب حليفه النائب ميشال عون رئيساً، حتى أن العماد عون نفسه مقتنع بهذه النظرية وهو يراهن أيضاً على أن الحوار الجاري بين تيار المستقبل وحزب الله يرفع احتمال وصوله الى قصر بعبدا بنسب كبيرة، خصوصاً إذا ما نجحت المحاولات الجارية حالياً لإجراء حوار مسيحي – مسيحي عنوانه الوحيد، كيفية ملء الشغور في رئاسة الجمهورية.

لكن بعضاً آخر من اللبنانيين، وهم كُثر لا يشاركون حزب الله والنائب عون هذا الرهان، بل يميلون إلى الاعتقاد بأن لا الحوار الإسلامي – الإسلامي ولا الحوار المسيحي – المسيحي يصبّ في مصلحة النائب عون، ويرفع نسب حظوظه في الوصول إلى قصر بعبدا، وهو الذي تجاوز الثمانين من عمره، وأصبح على عتبة الواحد والثمانين لأسباب كثيرة آخرها إقليمي يرفض أن يصل الى رئاسة الجمهورية اللبنانية في ظل ما يشهده العالم العربي من خضات ومتغيرات مالكي آخر مرتهن لإيران وسياستها التوسعية للهيمنة كدولة إقليمية على منطقة الشرق الأوسط، والمقصود بهذه العبارة نوري المالكي الذي ذهب الى بيته نتيجة الضغوط الدولية التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية على إيران التي كانت وراء إيصاله الى رئاسة الحكومة العراقية بوصفه حليفاً مؤتمناً على خدمة المصالح الإيرانية في المنطقة، هذا فضلاً عن تحالف النائب عون مع حزب الله والذي رفعه ذات يوم الى مستوى التكامل الوجودي بين الحزب والتيار الوطني الحر.

حتى أن هذا البعض ما زال يستبعد أن يثمر الحوار الإسلامي – الإسلامي إتفاقاً بشأن الاستحقاق الرئاسي وإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية للأسباب المذكورة سابقاً ولأسباب أخرى تتعلق بمشروع حزب الله الإقليمي والمتقدم على هذا الاستحقاق كما تدل تصرفات حزب الله سواء في انغماسه بقتال الشعب السوري إلى جانب نظام بشار الأسد، وسواء بارتباطه الاستراتيجي مع إيران التي لها أجندتها الإقليمية والتي حققت حتى الآن القسم الأكبر منها، وما زالت مصمّمة على تحقيق الباقي في ظل غياب عربي لافت باستثناء الدور المواجه للمملكة العربية السعودية.

وبناء على هذه المعطيات فإن هذا البعض الآخر يرى بأن أبعد ما يصل إليه الحوار الإسلامي – الإسلامي هو تهدئة الأجواء الداخلية بما يحول دون الانزلاق في الفتنة المذهبية، ويبقي الوضع الداخلي في حالة شبه استقرار بانتظار ما سوف ينتهي إليه الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط وفي ذات الوقت تستبعد بشكل جازم أن يصل الحوار التمهيدي الجاري بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية إلى جمع عون وجعجع تحت سقف واحد وإن حصل والتقيا فلا يوجد أي مجال لتوصلهما إلى تفاهم في شأن الاستحقاق الرئاسي ما دام النائب عون كما أبلغ الموفد الفرنسي جيرو ليس على استعداد لأن يتنازل في ما يعتبره أن كرسي الرئاسة الأولى هي حق له لا يتنازل عنه.