أجواء تشاؤمية تسبق جلسة مجلس الوزراء اليوم
كل الإحتمالات مطروحة ومنها إحتمال إعتكاف سلام
«إن الأجواء التي تخيّم على الحكومة عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء تتّسم بالتشاؤم..»
غيّبت الأزمات الداخلية المتراكمة من الأزمة الحكومية والإصرار العوني على تعطيلها إلى أزمة النفايات التي لا يبدو أنها مرشحة للحل في الأفق المنظور إلى الأزمة الاقتصادية التي حذّرت الهيئات الاقتصادية من المخاطر الناجمة عن تفاقمها، ملف الانتخابات الرئاسية إلى آماد بعيدة، الأمر الذي يُخشى معه أن يعتاد اللبنانيون على هذا الوضع ويديروا الظهر إلى نداءات بكركي بضرورة إجراء هذه الانتخابات في أقرب وقت بالنظر لتداعياتها السلبية على الجماعات المسيحية في لبنان.
واليوم يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع ليجدد أن أزمته كبرت وبات التوصّل إلى تسوية بين الرئيس تمام سلام ووزراء عون وحزب الله الذين قرروا المضي بالمشاكسة داخل مجلس الوزراء بهدف تعطيل هذه المؤسسة الدستورية الوحيدة الباقية على الساحة بعد تعطيل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ودفع البلاد إلى الفراغ الكامل بما يجعله مفتوحاً على أسوأ الاحتمالات والتي حملت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إلى التحذير من الاعتداء على إتفاق الطائف أو الإلتفاف عليه والتأكيد على وجوب التمسك به وبصلاحيات رئيس مجلس الوزراء، وصلاحيات مجلس الوزراء التي وضعها هذا الاتفاق والتي تنص على أن رئيس الحكومة هو الذي يدعوه إلى الاجتماع الدوري وهو نفسه يضع جدول أعمال الجلسة، ويتخذ مجلس الوزراء قراراته بالإجماع وفق المادة 65 من الدستور وفي حال تعذّر الإجماع لأي سبب كان فبالأكثرية بالنسبة إلى البنود العادية وبأكثرية الثلثين بالنسبة للبنود الميثاقية وعددها 14 بنداً.
ويندرج تحذير رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في مواجهة الحملة المنظمة التي يقودها ميشال عون بدعم من حزب الله ضد الرئيس تمام سلام الذي يتمسك بدوره بتطبيق اتفاق الطائف وعدم المسّ لا بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء ولا بصلاحيات مجلس الوزراء ولا سيما لجهة الآلية المتبعة لاتخاذ القرارات وفق ما نص عليه الدستور واتفاق الطائف، ويحذّر الرئيس سلام العماد عون وفريقه من النتائج السلبية التي يمكن أن تترتب عن هذه المشاكسة من جانبهم داخل الحكومة من أجل تعطيلها ونقل عنه زواره أنه لن يتردد في الاعتكاف عن ممارسة مهامه واعتبار حكومته بمثابة حكومة تصريف أعمال إذا لم يلتزم وزراء عون وحزب الله بالأصول المتبعة داخل مجلس الوزراء ويتوقفوا عن أعمال الشغب لتعطيل الحكومة في وقت تتراكم في وجهها المشكلات والأزمات المعيشية والاجتماعية والاقتصادية وآخرها أزمة النفايات التي اجتاحت بيروت وباتت تُهدّد بكارثة بيئية لا يتحملها أحد، وسمع زوّار القصر الحكومي من الرئيس سلام كلاماً يوحي بأنه سيردّ على استمرار عملية تعطيل الحكومة بالاعتكاف في منزله والامتناع عن القيام بموجباته كرئيس للحكومة وهو ردّد على مسامع الزوار أكثر من مرّة عبارة لا تُحرجوني فتخرجوني.
وهذه الأجواء السلبية عشية جلسة مجلس الوزراء ولا سيما بعد تصريحات العماد عون والتهديدات التي أطلقها في حال لم تستجب الحكومة إلى طلبه وتباشر قبل أي أمر آخر في جلسة اليوم بالبحث في آلية اجتماع مجلس الوزراء وآلية اتخاذ القرارات في خطوة تدل على أنه لا يعترف بنص المادة 65 من الدستور التي حددت هذه الآلية ليفرض على الحكومة آلية جديدة لا علاقة لها باتفاق الطائف وباحترام نصوصه، الأمر الذي يرفضه بإصرار رئيس الحكومة ولن يسمح حتى بمناقشته من المنطلقات التي يطرحها عون وحليفه حزب الله ويتمسك بالنصوص الحرفية للمادة 65 من الدستور ما يعني أن الأمور داخل مجلس الوزراء ستأخذ منحى التصادم بين الفريقين لتؤدي حتماً إلى رفع الجلسة منعاً لحصول ما ليس بالحسبان خصوصاً وأن الفريق العوني وحزب الله اتخذ قراره بعدم الاستقالة من الحكومة أو الانسحاب من الجلسة وتركها للفريق المؤيد لرئيس الحكومة والذي يُشكّل الضمانة الكافية لاستمرار الحكومة واستمرار عقد جلسات دورية لمجلس الوزراء في ظل استمرار غياب وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر الذين لا يشكلون الثلث المعطّل أو الثلث الذي يؤدي في حال استقالته إلى اعتبار الحكومة مستقيلة حتماً.
وفي مطلق الأحوال فإن الأجواء التي تخيّم على الحكومة عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء يخيّم عليها التشاؤم من كل الجهات وانعدام الحلول الوسط التي كان رئيس الحكومة يأمل التوصّل إليها من خلال الاتصالات التي يقوم بها مع الأطراف والاتصالات التي يقوم بها أيضاً الرئيس نبيه برّي والنائب جنبلاط من أجل تفادي الوقوع في مأزق جديد هو تعطيل آخر معاقل النظام الدستوري في هذا البلد.