فرضت قلّة كمّيات اللقاحات التي تصل الى لبنان نمطاً جديداً في عملية التلقيح الوطني، مع الاستنكاف عن تلقّي لقاح “استرازينيكا”، بعد الضجّة التي أثيرت حوله بسبب حصول تجلّطات في الدم، ما دفع بوزارة الصحّة الى اتّخاذ قرار بتأجيل الجرعة الثانية من لقاح “فايزر” الى ستّة أسابيع، في محاولة لتمنيع اكبر عدد من اللبنانيين وبسرعة، بعدما بوشر تطبيقه في المستشفيات الحكومية. في مستشفى صيدا الحكومي، ولدى مراجعة بعض الذين تلقّوا الجرعة الاولى عن سبب عدم تلقّيهم موعداً بالجرعة الثانية بعد ثلاثة اسابيع وِفق ما هو مقرّر، تبيّن بدء تطبيق القرار، حيث أكد رئيس مجلس الادارة والمدير العام للمستشفى الدكتور أحمد الصمدي لـ”نداء الوطن” أنّ “السبب ليس نقص كميّات اللقاحات حيث تسير العملية وِفق ما هو مخطّط لها، ولكن وزارة الصحة ارتأت تأجيل الجرعة الثانية من لقاح “فايزر” الى ستة اسابيع بهدف تمنيع اكبر عدد ممكن من المواطنين”، مشيراً الى أنّ كل الذين تلقوا الجرعة الاولى بدءاً من نيسان سيطبّق عليهم الامر كذلك”.
واذ اعرب الصمدي عن اعتزازه بأنّ المستشفى تحوّل قبلة علاج المرضى والمصابين بفيروس “كورونا”، مروراً بإجراء عمليات الفحوصات وصولاً الى اعطاء اللقاحات، لم يُخفِ حجم المشكلة التي تواجهه في ظلّ الازمة المالية وارتفاع الدولار وجائحة “كورونا”، لجهة النقص الحاد في شراء المستلزمات الطبية التي يعتمد عليها العمل، قائلاً: “نخشى أن نصل الى مرحلة لا نستطيع شراءها، لذلك نطلق صرخة من اجل دعمنا بما نحتاج، ولولا صندوق دعم المستشفى الذي تأسّس في مجدليون برعاية النائبة بهية الحريري ومتابعة رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، لكان وضعنا صعباً للغاية، ولكن تبقى الامكانيات محدودة لتأمين كلّ المتطلّبات”.
ثلاثة قرارات
في المقابل، أوضح رئيس اللجنة العلمية الوطنية لإدارة ملف لقاح “كورونا” الدكتور عبد الرحمن البزري أنّ اللجنة اتخذت ثلاثة قرارات في الخطة الوطنية للتلقيح تتماشى مع الواقع، قائلاً لـ”نداء الوطن”: “القرار الاول تأجيل الجرعة الثانية من لقاح “فايزر” بموافقة منظّمة الصحة العالمية والبنك الدولي، على قاعدة أنّ الجرعة الأولى تؤمّن حماية تصل الى 70%، وذلك بهدف تلقيح أكبر عدد ممكن من المواطنين، والثاني تلقيح من اصيب بوباء “كورونا” بعد ثلاثة أشهر، خاصة بعد صدور دراسات تؤكد على فعالية أقوى للقاح على المتلقّي في هذه الحالة، كما أنّ جرعة واحدة من أي لقاح قد تكون كافية لمن أصيبوا سابقاً بالوباء، والثالث استمرار استعمال لقاح “أسترازينيكا”، لمن يفوق عمره الـ 50 عاماً، مع الأخذ في الاعتبار امكانية استبداله بلقاح “فايزر” لمن يعانون من أمراض مزمنة.
إستنكاف وخطر
ومع قلّة كمّيات اللقاحات وانتظار شهر ايار لبدء وصول كميات اكبر، لاحظت مصادر طبّية أنّ “المستشفى التركي التخصصي للحروق والجروح في صيدا لم ينخرط في عملية التلقيح بعد بالرغم من اعتماده كمركز رسمي، فضلاً عن عدم دخول المستشفيات الخاصة على خط اللقاحات بعد، بعضها لا يريد طوعاً، والبعض الآخر لم يسمح له بعد، وحده مستشفى حمود الجامعي باشر عملية تلقيح “استرازينيكا” لمن يريد ووِفق الآلية الوطنية”. وأكّدت النائبة بهية الحريري خلال ترؤسها اجتماعاً في مجدليون أنّ “خطر “كورونا” لا يزال قائماً في ظل عدم الالتزام باجراءات الوقاية، داعية الجمعيات الاهلية الى المساعدة في نشر التوعية حول الكمامة والتباعد، قائلة: “حتى لو عادت الحياة الى طبيعتها فالوقاية يجب أن تصبح نمط حياة وثقافة سنحاول قدر الامكان أن نعمّمها، ولا شيء يتقدّم على الصحّة والتعليم لأنّهما يطالان المجتمع ككلّ”.