منذ نحو ستة أشهرٍ، يعيش المرضى على ابتزاز شركات استيراد الأدوية وأصحاب المستودعات. فمنذ تلك اللحظة، ومع التعسّف الذي يمارسه مصرف لبنان، أخذ أصحاب الشركات والمستودعات المرضى رهينة، فعمدوا إلى قطع الأدوية متذرّعين بتأخّر المعاملات في مصرف لبنان أو عدم تقاضي مستحقاتهم. وكلما اشتدّت الأزمة، اشتّد خناق تلك الشركات، من دون أن يسلم أحد من هذا «الطوق»، لا المرضى ــــ وهم الفئة الأشدّ تضرراً ــــ ولا أصحاب الصيدليات، ولا سيما الصغيرة منها.
ورغم رفع الدعم عن معظم الأدوية، لا تزال هذه الشركات تمارس سطوتها، فهي التي تقرّر ماذا تعطي ولمن، وعمّن تحجب، من دون أن يكون أحد قادراً على المساءلة. وفي الآونة الأخيرة، بدأت الشركات سياسة جديدة لتعويض «خسائرها» تقوم على فكرة «السلّة»، حيث تلزم الصيدلي بأن يضيف إلى طلبية الأدوية التي يحتاج إليها مستحضراً أو دواءً أو متمًماً لا حاجة له به، «نزولاً عند رغبة الشركة أو الوكيل للتسويق لهذا الدواء»، على ما يقول أحد الصيادلة. وفي حال عدم التزام الصيدلي، فلا تسليم للدواء المطلوب «من دون الوصفة الطبية، علماً بأن هذه الأخيرة كانت تطلبها الشركات فقط عندما كان الدواء مدعوماً لتقديم الفواتير للمصرف المركزي». ورغم أن هذه الإجراءات ليست جديدة، إلا أنها كانت في السابق محصورة ببعض الشركات. أما اليوم، فقد أصبحت لازمة مع كل «طلبية». وفي هذا السياق، يشير أحد الصيادلة إلى أنه طلب في الفترة الأخيرة «إبراً للالتهابات lebacef ودواءً للحساسية calivida من إحدى الشركات»، إلا أنه فوجئ بضمّ «منشّط جنسي amos إلى الطلبية»، وعندما رفض الأمر، «قالت لي الموظفة إنه يجب عليّ تزويدها بالوصفة الطبية لما طلبته كي تسلمني إياه». هكذا، وفي سياق «الاستراتيجية التسويقية»، تجبر الشركات الصيادلة على شراء أصنافٍ لا يرغبون فيها من أجل أن تزوّدهم بطلباتهم، وإلا «فهي قادرة على حرماننا من الدواء».
تفرض بعض الشركات على الصيدليّات شراء منشّطات جنسيّة مع الأدوية
وليست تلك الإجراءات آخر المطاف، إذ تعمد معظم الشركات والوكلاء اليوم إلى «تسكير كودات» (code9 بالجملة (عادة تفتح الشركة كوداً للصيدلية كي يتسنّى لها طلب الأدوية مباشرة، على أن ترسل الشركة الطلبية مع المندوب). ولئن كانت هذه الخطوة محصورة سابقاً بالصيادلة الذين يتأخّرون في دفع البدلات والمستحقات، أو ببعض الصيدليات في المناطق النائية حيث لا إمكانية في الوصول، إلا أنها صارت تعتمد أخيراً في حال عدم وصول الطلبية إلى السقف المالي الذي تحدده كل شركة. ويشكو اليوم الصيادلة من توقيف الكودات لهم لأن الشركة تطلب منهم ألّا تقلّ الطلبية عن خمسة ملايين ليرة شهرياً. وقد علت صرخة الكثير من الصيادلة بسبب ذلك الإجراء، لأنهم غير قادرين على تسجيل فواتير بذلك المبلغ، فيما لا يمكن بيع تلك الأدوية، بعدما «خفّ البيع». أما البديل من ذلك؟ فيشير المتضرّرون إلى أن الشركات تطلب منهم «الحضور لتسلّم الدواء شخصياً، وهو ما يستحيل فعله لمن يملكون صيدليات في المناطق النائية، وخصوصاً أن الطلبيات غالباً ما تكون أسبوعية أو حتى أقل». هذه القرارات تعني تأخير وصول الدواء أو انقطاعه وحرمان المرضى منه. مع ذلك، يطمئن نقيب صيادلة لبنان، جو سلوم، الصيادلة إلى «قرب الوصول إلى حل قريباً».