يشهد مطلع الاسبوع المقبل استئنافاً لحركة المشاورات المكوكية بين معراب والرابية والتي يقوم بها وسطاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، بعد توقف فرضته اجازة الاعياد وشكل محطة للمزيد من التشاور داخل اوساط الفريقين وتناول المرحلة الجديدة من المباحثات التمهيدية. وبسحب مصادر سياسية مواكبة لمسار المشاورت التي تجري منذ نحو اسبوعين بين موفدين من كل من العماد عون والدكتور جعجع، فان هذه الآلية قد قطعت شوطاً متقدماً على صعيد اعلان النوايا الجانبية وساهمت الى الانتقال نحو تحديد ورقة العمل الخاصة باللقاء الاول بين عون وجعجع والذي سيكون في الرابية ولكن من دون الوصول حتى الساعة الى تحديد اي موعد زمني وذلك لاعتبارات لوجستية وأمنية تتعلق بالاجراءات المتخذة والتي ستحيط بالزيارة التي سيقوم بها الدكتور جعجع الى منزل العماد عون قريباً.
وكشفت المصادر المواكبة عن ان الاجتماعات التمهيدية التي جرت في الرابية تؤذن بتسجيل ايجابيات لافتة، وذلك خلافاً لكل ما سجل على هامش العلاقة بين معراب والرابية في السنوات الماضية. واكدت ان الخطوة الايجابية العملية التي تحققت في نهاية العام 2014 والمتمثلة باسقاط دعاوى القدح والذم والتشهير المقدمة في حق وسائل الاعلام التابعة للقوات اللبنانية وللتيار الوطني الحر، هي ترجمة اولية للاتفاق المبدئي على بدء مرحلة جديدة مع بداية العام وتقديم مبادرة عملية من قبل «القوات» لمناسبة عيد الميلاد ومن قبل «التيار» بهدف دعم مساعي التوافق.
وانطلاقاً من هذه المبادرة فان صفحة من الخطاب السياسي والاعلامي المتشنج قد طويت لغير رجعة بحسب المصادر والتي اوضحت ان التقارب يختلف في هذه المرحلة عن كل محاولات الالتقاء في محطات سياسية سابقة حيث ان توحيد الجهود تحت عناوين مرتبطة بالوجود والمصير المسيحي في لبنان والمنطقة تحول الى هاجس لدى الرابية كما لدى معراب، علماً ان الاولوية لدى الطرفين هي معالجة الشغور الرئاسي في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة على حد سواء.
وفي السياق نفسه اوضحت المصادر نفسها ان المباحثات التي تنطلق خلال ايام ستركز على نقاط الالتقاء بين الدكتور جعجع والعماد عون وتسعى الى تعزيزها، بموازاة عرض المسائل الخلافية واسبابها والتجارب السابقة وذلك لتحديد مكمن الخلاف الاساسي وان كان الوصول الى ازالته شائك وغير ممكن اليوم، ولكن الاقرار بوجود تباينات والاعتراف من كل طرف للطرف الآخر بحق التمايز بالرأي واحترام خياراته هو الهدف المنشود من خلال الاجتماعات الحوارية كما أضافت المصادر المطلعة.
ومن هنا فان كسر الجمود وازالة التشنج من خلال وقف الخطاب التصعيدي والحملات الثنائية واستعادة احداث سابقة أليمة، قد تحقق في المرحلة الاولى من الاستعدادات لاجتماع عون وجعجع وبالتالي فان البحث الذي سيجري في المرحلة الثانية يتناول تحديد الملفات التي ستفتح في اجتماع الرابية المرتقب وهي بالطبع متعددة وابرزها موضوع رئاسة الجمهورية ولكنه ليس الوحيد لأن الواقع المسيحي الداخلي يتطلب توسيع مروحة التواصل والتشاور لتطال مجمل العلاقات على مستوى القيادات اولاً وعلى مستوى الشارع ثانياً ومواكبة الحوار الذي انطلق بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» ثالثاً لارساء مناخ ايجابي على الساحة الداخلية يساهم في تحصينها وحمايتها من الرياح الاقليمية التي بدأت تعصف بها وتهدد استقرارها تحت عناوين متنوعة امنية واجتماعية واقتصادية قبل ان تكون سياسية.