IMLebanon

عنوان المرحلة في المنطقة :  تقوية الضعيف وإضعاف القوي !

الانجاز العسكري على الأرض شيء، والمدلول السياسي له شيء آخر… وهذا هو الفارق بين الدعاية والحرب النفسية من جهة، والسياسة من جهة ثانية، وتحرير تدمر من قبضة داعش على أهميته البالغة، ما هو الا فصل في موسوعة، أو مشهد من مسرحية شكسبيرية طويلة! وعلى هذا، فإن الحروب المتقاطعة على أرض سوريا وعليها بين هدنة وأخرى، تخضع لمقياس جوهري آخر، هو غير دينامية الكر والفر، سواء في المواجهات العسكرية على الأرض السورية والعراقية، أم في المواجهات الدبلوماسية داخل قاعات التفاوض غير المباشر أو المباشر لاحقاً في قاعات الفندق في جنيف، أو في الغرف الخلفية، الخفية والعلنية، بين واشنطن وموسكو! وهذا المقياس الجوهري له معيار أساسي قوامه هو ما يمكن أن يحدث قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، وما يمكن أن يحدث بعدها…

***

ظاهرة الدومينو تحولت الى حقيقة ثابتة في السلم والحرب. ومن الشواهد الحديثة عليها تساقط أحجار الدومينو تباعاً في ما يسمى ب الربيع العربي، ثم في عسكرة هذا الربيع لاحقاً… أو فيما نراه اليوم من انعطافات نحو التهدئة من سوريا والى اليمن والعراق وليبيا، في اتجاه مسار طويل أفقه المنظور الوصول الى تصفية الأزمات، وتوليد أنظمة جديدة، وربما خرائط جديدة أيضاً! وما يجري اليوم عسكرياً على الأرض هو تحضير الأرضية والأجواء للحلول الآتية، من خلال تفاوض حقيقي لم يبدأ بعد. وعنوان هذه المرحلة الوسيطة هو: اضعاف القوي وتقوية الضعيف، لابقاء كفتي الميزان في يد المايسترو الخارجي الممسك به، أي واشنطن وموسكو! وهذا ما حدث بضخّ منشطات روسية في عروق النظام السوري المنهك من جهة، وبتوجيه ضربات تضعف تنظيم داعش بعد استعراضات القوة التي مارسها على امتداد المنطقة، من جهة ثانية…

***

التفاوض الحقيقي لا يجري في جنيف، ولا في مجلس الامن الدولي، ولا على ارض المعارك، ولا حتى في عواصم القرار الاقليمية، وانما هو يجري حصراً ما بين واشنطن وموسكو، لرسم خرائط المصالح بينهما على امتداد المنطقة والعالم، ومعرفة التوازنات ما بعد داعش، وما بعد النظام السوري، وما بعد العديد من الأنظمة الأخرى في المنطقة… وكل هذا يتوقف على ما بعد اللانتخابات الرئاسية الأميركية، ومن سيسكن البيت الأبيض لاحقاً: هل هو بوش نزق جديد، أم أوباما براغماتي آخر!