Site icon IMLebanon

الصوت والصورة… وما بينهما

 

 

حزب المئة ألف مقاتل يخاف من هتاف ويحمي صورة بالقمع والعنف والضرب. في الأمر ما يستوجب التوقف عند هذا السلوك العدواني الذي يجد من يصفّق له ويبرّره ويشمت بالمعتدى عليه.

 

فالقوي إلى حدّ السيطرة على بلد يفترض ألا يهزّه هتاف، ولا يحتاج رفع الصور للدلالة على هيمنة مشغّله الإيراني، يسعى لإخراجها من مربّعاته الأمنية إلى كل مكان. يستغل كل مناسبة ليستفزّ الآخرين المفروض أنهم شركاؤه في البلد، ليذكّرهم أنه الحاكم بأمره.

 

أكثر من ذلك، هو يمنع رفع صور زعماء او شهداء يصنفهم في المربّع الخصم. وهو بعد السابع من أيار 2008، أزال صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري من غالبية مناطق بيروت. وهذه الصور لا تزال غائبة.

 

وها هو اليوم لا يتورّع عن استخدام العنف ليربّي أحد الرافضين احتلال مشغّله الإيراني لبنان بكل ما فيه، وصولاً إلى «معرض بيروت للكتاب العربي».

 

هذا همّه. أما باقي الهموم فهي ليست من أولوياته. لا القمح الذي قد لا يصل إلى لبنان بسبب الغزو الروسي على أوكرانيا، ولا النفط الذي حلَّقت أسعاره، فصار مازوت المولدات مستعصية أسعاره على عامة الشعب، وأعاد مشهد الطوابير أمام محطات الوقود، ولا الدواء المفقود، ولا.. ولا.. في بلد باتت يوميات الحياة فيه تستوجب مقاومة وجهاداً على مدار الساعة.

 

المهم الصورة.. وليتها صورة زعيم لبناني. حينها كان يمكن أن نفهم مدى ارتباط مريديه بوجودها ورفعها أينما كان.. لكنها صورة لإيراني تباهى بحصوله على الأكثرية النيابية في لبنان.

 

الأمر يصعب استيعابه. كذلك يصعب استيعاب منع الموسيقى في المعرض، لأنها حرام.. وإلصاق صفة الداعشية بمن يغني لبيروت «قومي من تحت الردم»، أو من يهتف «بيروت حرة حرة.. إيران برة برة». يتحجّج بحرية التعبير لرفع صورة قاسم سليماني العسكري الذي لم يكن يتوقف أمام أعداد ضحاياه إن في سوريا، أو العراق أو اليمن أو لبنان، ويعارض حرية التعبير لدى الآخرين بوسائل يندرج تحت لوائها إخراس شفيق بدر بضربه على رأسه تحديداً.. وذلك في استهداف للعقل والمنطق وتعطيلهما.

 

وكأن صاحب الصورة يخوض لأجلها معركة حياة أو موت.

 

فمن يعتبر أنه يملي أوامره على الجميع، وعندما تتطلب مصالح مشغله الإيراني ذلك، لا يستثني أحداً، وبالأخص الناشطين الرافضين تحويل لبنان مستعمرة إيرانية من بابه إلى محرابه، بعد اعتقال الدولة بمؤسساتها وتحويلها واجهة للتمويه وغطاء يستخدمه مرتزقة المحور ليديروا البلاد على طريقتهم.

 

وهي كذلك، لأنّ الهدف من تشكيل «حزب الله» ماكينات انتخابية في كل الدوائر، التي سيرشح فيها مرشحين له أو تلك التي لا مرشحين فيها له»، هو منع الصوت أن يقرر إنتاج طبقة سياسية خارجة عن طوع الحزب ورافضة له في مجلس النواب الجديد.

 

لا يهم مدى تأثير هذه الطبقة، إذا ما قيِّض لها الوصول إلى الندوة البرلمانية، وإذا قيِّض للانتخابات أن تجرى. المهم أن الصوت الخارج عن الطوع يجب أن يعود إلى حنجرة صاحبه ويختنق هناك.. لا سيما وأن من يتصدّى له بالضرب والقتل، إذا لزم الأمر، لا يلاحق ولا يعاقب.

 

المهم، ليس فقط إخراس الصوت وانما إخراس العقل والمنطق.. وإلا كيف يفرض الحزب على دائرة ما مرشحاً مشمولاً بالعقوبات الدولية لأنه «مقاوم»، ويسهل في دائرة أخرى ترشيح مدانٍ ثابتة إدانته بالتجسس لصالح إسرائيل..

 

والمفارقة أن أصوات المعترضين على مثل هذا التناقض خجولة مقارنة بأصوات الرعاع الذين يقدّسون الصورة، ويعتبرون ضرب بدر وغيره ممن يستبيحونها حقاً شرعياً مكتسباً لهم ولمشغِّلهم..