أعداد الحجاج تراجعت إلى الثلث… من 8000 إلى 2600
تراجع عدد حجيج بيت الله الحرام من لبنان الى السعودية بشكل لافت هذا العام بخلاف ما كان متوقعاً بعد توقف دام عامين بسبب جائحة «كورونا» التي فرضت قيوداً مشددة منعاً لانتشار الوباء في المكان الأكثر ازدحاماً في العالم خلال ايام قليلة وبات بسبب الكلفة المالية الباهظة لمن استطاع اليه سبيلاً.
تعددت أسباب هذا التراجع، ومنها ما يتعلق بالازمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان منذ سنوات وارتفاع كلفة الحج مع احتسابه بالدولار الاميركي، ومنها ما يتعلق بالتضخم العالمي وارتفاع اسعار تذاكر الطيران في جميع الشركات، كما الخدمات الإلزامية ونسبة ضريبة القيمة المضافة في السعودية من 5% إلى 15%، فتراجع العدد من نحو 8000 الى 2600 فقط هذا العام.
ويبدو هذا التراجع واضحاً في صيدا التي تشتهر بكثرة حملات الحج، اذ لم تنظم غالبيتها رحلات كعادتها قبل «كورونا»، حيث يؤكد المرشد في حملة «الإسراء» الشيخ خالد عارفي ان اسباباً كثيرة حالت دون ذلك ابرزها الوضع الاقتصادي والوبائي، ناهيك عن رفض قبول طلبات الحجاج الذين تفوق اعمارهم الـ 65 عاماً خشية عليهم من التقاط الفيروس ونشره بين الحجيج. ويشرح لـ»نداء الوطن» ان كلفة الحج في الاعوام السابقة كانت تبلغ نحو 4 آلاف دولار اميركي اي ما يقارب 6 ملايين ليرة لبنانية، اما اليوم فوصلت بحدها الادنى الى 5 آلاف دولار وقد ترتفع قليلا لتصل الى نحو 6 آلاف دولار اي ما يفوق 150 مليون ليرة لبنانية، وهو مبلغ باهظ قياساً على رواتب اللبنانيين التي بقيت على حالها من دون اي زيادة». وأوضح ان «من استطاع الذهاب الى الحج هذا العام كان قد وفر جزءاً من المبلغ خلال السنوات الماضية وفي زمن «كورونا» مع عدم استقبال الحجيج من خارج المملكة العربية السعودية، او من لديه ابناء او اهل في الخارج ودعموه بالدولار الاميركي لاكمال المبلغ المتبقي، وكثير من الحجيج الذين كانوا يرغبون بأداء هذه المناسك اصيبوا بالوباء وتوفى بعضهم وخاصة كبار السن او اصيبوا بالفيروس وباتوا يعانون من تداعياته المرضية السلبية، ناهيك عن تحديد المملكة هذا العام عمر الحجيج دون الـ 65 عاما بخلاف السابق».
ولا تقتصر الاسباب على الوضعين الاقتصادي والوبائي فقط، وانما ترتبط ايضا بارتفاع أسعار الخدمات الإلزامية (خدمات المشاعر والطوافة والنقل…)، إضافة الى خدمات إلزامية جديدة (الطوارئ والتأمين الصحي ورسوم التأشيرة) وارتفاع نسبة ضريبة القيمة المضافة في السعودية من 5% إلى 15%.
ويقول المرشد في حملة «روابي القدس للحج والعمرة» الشيخ علي اليوسف، ان عدد الحجيج الذين غادروا لبنان لاداء المناسك هو 1150 من الطائفة السنية، و1150 من الطائفة الشيعية، اضافة الى نحو 300 فلسطيني فقط، اي نحو 2600 حاج، بينما في السابق كان يربو العدد على 8 آلاف ويصل مع المجاملات احياناً الى 10 آلاف، والاسباب كثيرة ابرزها الضائقة المالية وارتفاع كلفة الخدمات، مشيراً الى انه كان يتوجب على كل حاج يقبل طلبه دفع مبلغ نحو 1800 دولار والآن بات 4000 دولار، اي انه ارتفع اكثر من 120% نتيجة التضخم العالمي والركود الاقتصادي.
ويؤكد اليوسف لـ»نداء الوطن» ان حملات كثيرة وجدت نفسها عاجزة عن تنظيم رحلات هذا العام بسبب قلة العدد، فانطلق بعضها باعداد قليلة او بتنسيق مع حملات أخرى، علماً ان الخدمات بقيت كما هي في مكة ومنى وعرفة وسواها، بينما ايجار المباني لم يرتفع وانما جرى تقسيم الحجاج على غرف متعددة للحؤول دون حصول اي اكتظاظ».
ويمتد موسم الحج هذا العام ما بين فترة 7 إلى 12 تموز الجاري، ويصادف اليوم الجمعة الوقوف على عرفه ويعتبر عرفه الحج الاكبر، حيث يقوم ضيوف الرحمن بأداء المناسك ثم ينفرون الى مزدلفة ثم الى منى، ويقومون برمي الجمرات على مدى ثلاثة ايام، ويكون بينهم عيد الاضحى يوم السبت.
وتقول مريم حبال انها كانت تحلم بأداء مناسك الحج هذا العام، ولكن الكلفة حالت دون تحقيق حلمها، فـ «الناس باتت تفضّل توفير الطعام والشراب على غيرهما، في ظل الازمة المعيشية الطاحنة، على اعتبار ان الحج من اركان الاسلام الخمسة ولكن مناسكه ليست «فرض العين» على كل الناس وانما على الميسورين ومن استطاع اليه سبيلاً».
ويواظب بعض المقيمين في لبنان على تقديم الاضاحي، لكنها هذا العام شهدت ارتفاعاً خياليا في كلفتها، وباتت أضحية الخروف تقارب الـ 300 دولار اميركي، بينما العجل لا يقل عن 1700 دولار اميركي ويمكن تقسيمه على 7 اشخاص، ويجري توزيعه مثالثة (ثلاثة اثلاث)، لصاحب الاضحية، للاهل والاقارب وللفقراء لادخال البهجة الى منازلهم.