استكمالاً لفضيحة الإنترنت غير الشرعي، تكشَّفت، ومن بوابة قطاع الاتصالات أيضاً، معالم فضيحة جديدة، تتمثل بوجود عمليات تخابر دولي غير شرعية، مصدرها شركة «ستوديو فيزيون» التابعة للمتهم الأول في قضية الإنترنت غير الشرعي.
يقود ذلك إلى استنتاج سريع مفاده أن دولة الإنترنت غير الشرعي كانت تتمدد في السنوات الماضية، لكن هل يكون فَتحُ ملفٍّ جديد هو المدخل لطي صفحة ملف «قديم» على جاري العادة اللبنانية؟
احتمال دخول الملف في حالة موت سريري لا يزال مصدر قلق بالنسبة لوزير الاتصالات بطرس حرب، كما أبلغ «السفير». يقول حرب إنه يضع ثقته الكاملة بالقضاء، لكنه يدعوه إلى تسريع المحاكمات، لأن «مشي السلحفاة ليس لمصلحة التحقيق»، مُجَدِّدا القول بوجوب عدم تغطية أي متورط «مهما علا شأنه».
وقد استعادت الدعوى المرفوعة ضد رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف زخمها بعد عودته من الخارج، إذ من المفترض الاستماع إلى إفادته في الثالث والعشرين من الجاري، بتهمة «الإهمال الوظيفي»، من دون استبعاد عدم توقف الأمر عند هذه الحدود، خصوصا لجهة الإضرار بالمال العام.
وبرغم أنه لا يمر أسبوع إلا وتتم مداهمة محلات وشركات عاملة في التخابر الدولي غير الشرعي، على ما أكد المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم لـ «السفير»، إلا أن المعطيات التي اكتشفتها «أوجيرو» مؤخراً، وبعثت برسائل رسمية بخصوصها لوزير الاتصالات، أظهرت أن شركة «ستوديو فيزيون» تقرصن المخابرات الدولية منذ بداية العام 2013 وحتى تاريخه، عبر خط رقمي E1 تم تسجيله في العام 2012 باسم الشركة، يضم رزمة متسلسلة من 100 خط (من الرقم 04526000 حتى الرقم 04526099) يعمل على استقبال مكالمات دولية بطرق غير شرعية ومن ثم تحويلها إلى المشتركين اللبنانيين (refiling) عبر ما يسمى PBX. وتبين أن هذه المكالمات تصل إلى حوالي 400 ألف مشترك لبناني، أي ما يعادل نحو 45 في المائة من إجمالي عدد المشتركين في الشبكة الثابتة.
واللافت للانتباه أن الرقم المذكور يصدر منه يومياً نحو 4000 مكالمة محلية، مع تركز الاتصالات عند بعض المشتركين. وعلى سبيل المثال، فإن أحد أكبر مستشفيات العاصمة تلقى في العامَين 2014 و2015 نحو 8000 اتصال من الرقم نفسه، أي ما يزيد عن 10 اتصالات يومياً. والأمر نفسه يتكرر مع مشتركين آخرين (سفارة أوروبية تصلها 6 اتصالات يومياً من الرقم نفسه)، فيما تتلقى إحدى الشركات المعنية بالعلاجات البديلة 17 اتصالاً يومياً منذ سنتين.. ومن الرقم نفسه الذي تصدر منه الاتصالات، ليلا ونهارا.
بالنسبة لـ «أوجيرو»، فإن كل هذه المعطيات تعني أن «ستوديو فيزيون» تقوم بعمليات تخابر غير شرعي. وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام:
ـ إذا كانت شبكة الاتصالات المكتشفة تحصل على الإنترنت من الشبكات غير الشرعية، فهل استمرار حركة الاتصالات على حالها يعني أن الشبكات غير الشرعية لا تزال تعمل؟
ـ في حال كانت شركة «ستوديو فيزيون» استأجرت خط الـ E1 من «أوجيرو»، فهل ثمة من يغطي حركة الاتصالات المشبوهة من داخل الهيئة؟
ـ بما أن حركة الاتصالات الصادرة عن الرقم 04526000 مشبوهة في الأساس، خصوصا أن الاتصالات الصادرة عن «ستوديو فيزيون» وصلت إلى 390 ألف خط، أي ما يقارب عدد الاتصالات الصادرة عن كل المشتركين الآخرين المستأجرين لخطوط E1، فلماذا لم يتم الكشف عن الأمر منذ سنتَين، وهل للأمر علاقة بالصراع القائم حالياً بين «أوجيرو» و «أم. تي. في.»؟
ـ إذا كان القضاء لم يستدعِ حتى الآن المسؤولين عن المحطة على خلفية فضيحة الإنترنت غير الشرعي، فهل يمكن الاستمرار بحمايتهم في قضية التخابر الدولي غير الشرعي؟
ـ كل الشركات التي يتم التعامل معها هي شركات معروفة ويصلها عدد هائل من الاتصالات، فهل يحصل ذلك صدفة أم أن ثمة وسطاء عرضوا الخدمة على هذه الشركات وتم اعتمادها رسمياً من قبلها؟
الأكيد حتى الآن أن وزير الاتصالات طلب تحضير المراسلات اللازمة تمهيداً لرفع دعوى ضد المتورطين في الملف أمام النيابة العامة المالية وهيئة القضايا في وزارة العدل، والأكيد أنه طلب من المعنيين قطع الاشتراكات الهاتفية الواردة في ملف التخابر غير الشرعي.
هل سيضاف هذا الملف إلى ملف الإنترنت غير الشرعي المطروح على طاولة لجنة الاتصالات النيابية؟
يؤكد رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله لـ «السفير» أن اللجنة ستلاحق ملف الانترنت غير الشرعي وكل ما يتفرع منه، موضحاً أنها تنتظر، في جلستها المقررة في 31 الجاري، المعطيات القضائية في ضوء التحقيقات الرسمية المتعلقة بالملف. كما ستطلع من وزير الاتصالات على المعطيات الرسمية حيال ما نُشر عن التخابر غير الدولي، وبناء على ما يُقَدَّم من معلومات سيبنى على الشيء مقتضاه. وأكد أن الملف لن يقفل إلا بعد التوصل إلى نتائج نهائية تصون الأمن الوطني ومالية الدولة.