بعد الازمة التي طالت تيار المستقبل على خلفية إنقساماته ضمن مجموعة اجنحة، منذ قيام النائب خالد الضاهر بإطلاق التصريحات السياسية بطريقة عشوائية لم يسلم منها احد، حتى تمثال «يسوع الملك»، تتواصل تلك الانقسامات الى اليوم مروراً بإنتفاضة الوزير المستقيل اشرف ريفي، وصولاً الى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كشف المستور في كل الاتجاهات التي تصّب في مصلحته الشخصية اولاً.
وسط هذه الانزلاقات يستمر الرئيس سعد الحريري في ردوده على الجميع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعلّق على الفور على كل اطلالة للحلفاء والخصوم معاً، حتى يكاد يشعل تلك المواقع يومياً، اذ لم يعد له اي حليف حتى من ضمن اقرب المقرّبين، بإستثناء النائب سليمان فرنجية الخصم السابق والحليف المستجد ، الذي لا يجمعه به اي شيء في الاطار السياسي سوى انه مرشحه وداعمه من دون ان يعرف لماذا…
فإنطلاقاً من خروج الضاهر من عباءة «المستقبل» بهدف التعبير عن رأيه بكل راحة، فإذا بريفي يتبعه بإنتفاضة تلقى على اثرها سلسلة مواقف من زملائه تؤكد بأنه لا يمثل تيارهم . فيما على الخط الشعبي حظي ريفي بنسبة تأييد كبيرة منذ ان تصدّى للحريري، وهذه النسبة برزت خلال الانتخابات البلدية في مدينة طرابلس، بحيث بات وزير العدل السابق يُحتسب زعيماً للسّنة هناك، وصولاً الى عدد من المناطق السنّية ايضاً، وبالتالي اصبح رقماَ صعباَ في المعادلة النيابية المرتقبة، بعد تراجع شعبية تيار «المستقبل» في صناديق الاقتراع الاخيرة، ما دفع بمناصرّي ريفي ليلة فوزه الى إعلانه رئيساً للحكومة منذ تلك اللحظة.
الى ذلك اعتبرت مصادر سياسية مراقبة انه لم يعد بإستطاعة الحريري العودة الى السراي، لان حظوظه إنخفضت كثيراً، وبات ريفي والمشنوق يتصدّران لائحة رؤساء الحكومة المرتقبين، وإن رأت هذه المصادر بأن حظوظ المشنوق باتت اقرب الى السراي، لانه تحوّل من فئة الصقور الى الحمائم، لان تغريداته خارج سرب التيار اصبحت لمصلحة حزب الله، نظراً لطوحاته المستقبلية على كرسي رئاسة مجلس الوزراء. فيما ريفي سيبقى مترّبعاً على عرش الصقور، طالما لا يوجد أي ثغرة مفتوحة من قبله في اتجاه حزب الله.
هذا ورأت المصادر عينها بأن عودة الحريري من جديد على رأس الطائفة السنّية، باتت صعبة لانها تحتاج الى الكثير من الدراسة ، اذ عليه اولاً ان يحّل تلك الاجنحة التي برزت داخل تياره ، وهذا بحّد ذاته يحوي صعوبة كبيرة، خصوصاً ان ريفي بات يُحسب له الف حساب، لانه اعاد القوة الى الطائفة السنّية، وبالتالي وضعها من جديد على الساحة بعد ان كانت مغيّبة بعض الشيء، بسبب السياسة الخاطئة التي إتبعّها زعيم «المستقبل» بحسب ما تعتبر تلك المصادر، وترى بأن التيار المذكور كان الأكثر جماهيرية على مستوى لبنان بين عاميّ 2005 و2007، اذ كان يتحكّم بالتشكيل والتعييّن وتسمية النواب والوزراء والمدراء السنّة، إضافة الى دوره الخارجي بين لبنان ودول القرار. إلا ان ضربة 7 ايار في العام 2008 اعادته الى الوراء، بحيث فرضت عليه الشروط ن كما ان غياب الرؤية السياسية لديه ساهمت ايضاً ، فيما المطلوب عمل سياسي يحوي المعاييّر والمنهجية المدروسة، فضلاً عن ان قادة السّنة غير البارزين سياسياً شجعوا الحركة الناقمة على الحريري منذ بداية انطلاقته، وكل هذا اوجد هوة عميقة بين القيادة والقاعدة، وبالتالي ادى الى تشرذم الشارع السّني اكثر فأكثر.
وختمت بالدعوة الى استخلاص العبر من كل ما حصل خلال السنوات العشر الاخيرة، كي يتمكن الرئيس الحريري من استعادة زمام المبادرة قبل فوات الأوان، لان مطبّاته السياسية ستنتج ريفي آخر في حال لم يستدرك الوضع، سائلة مَن التالي بعد الضاهر وريفي والمشنوق…؟!