Site icon IMLebanon

محورية معركة حلب وانعكاساتها على الحل السياسي

مجددا تتخذ معارك حلب طابعا محوريا اذ من المتوقع ان يحدد مآلها مسار الامور في سوريا، اما تقدما باتجاه العملية السياسية، او تواصلا للنزاع في المدى المنظور، مترافقا مع انكفاء في دور الولايات المتحدة يحرمها حتى من مجرد التصعيد اللفظي الذي ما زالت تواجه به عبثا التطلعات الروسية.

تنبع اهمية حلب خصوصا من كونها معقل المعارضة المعتدلة ومن موقعها المحاذي للحدود التركية. فنجاح النظام باستعادتها مدعوما بثقل الغارات الروسية، او مجرد نجاح المعارضة بكسر الحصار، يساهم في تقوية موقف الطرف الرابح على طاولة التفاوض، عندما يتحدد موعدها الفعلي في جنيف، بنظر سياسي لبناني متابع بدقة للتطورات على هذه الجبهة. وهو يذكر بتشديد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حسين جابر الانصاري مؤخرا امام المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا على ضرورة ان يأخذ الحل السياسي بالاعتبار «الحقائق الميدانية».

فمع نجاح النظام بقطع طريق الامداد للثوار عبر معبر الكاستيللو في 17 الشهر الماضي اشارت صحيفة «كوميرسانت» الروسية مثلا الى ان استعادة حلب تشكل «نقطة انعطاف في الحرب تعني انتصارا نهائيا للاسد». فيما اظهر ردّ المعارضة وتقدمها في الجنوب الغربي ان بامكان الفصائل ان تتوحد، وان تركيا عمليا لم تنكفئ الى الداخل بعد الانقلاب الفاشل« وإلا لما كانت المعارضة تنجح في هجماتها وخصوصا ان طرق الامداد تمر حاليا حصرا عبر حدودها.

وقد استبقت الولايات المتحدة لقاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المقرر بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد ايام قليلة وارسلت له رئيس اركان جيوشها الجنرال جوزف دانفورد رغم تلميحات انقرة الى تورط واشنطن بشكل ما في الانقلاب الفاشل وتمنّعها حتى الآن عن تسليم فتح الله غولن المقيم عندها والمتهم بالتخطيط للانقلاب.

ويتساءل المصدر ما اذا كان التقارب بين اردوغان وبوتين سيؤدي «الى توسع حقل التفاهم السياسي بينهما بما يعطي تركيا دوراً أكبر في سوريا»، لافتا الى ان ذلك في حال تحققه «يفتح امام تركيا الباب لتلعب دورا منعها الغرب عنه» خصوصا الولايات المتحدة التي لجمت مرارا الاندفاعة التركية بذريعة عدم التفرد باعتبارها عضوا في الحلف الاطلسي.

ومع انكفاء الولايات المتحدة، رغم تصعيدها الاعلامي الذي لم ينجح مرة في فرض فعلي لوقف اطلاق النار منذ التوافق عليه في شباط الماضي في جنيف، لا يستبعد المصدر ان يكون الهدف من تكبير دور روسيا في اطار التفاهم الروسي – الاميركي الذي انجز منتصف الشهر الماضي من دون ان تتوفر معلومات واضحة عن مضمونه «التوصل الى توازن في الميدان يمهد للحل السياسي«.

فثمة تحليلات سابقة عن تعارض بين روسيا من جهة وايران والنظام الاسدي من جهة اخرى بشأن حلب، اذ يرى الطرف الاول وجوب الاكتفاء بمحاصرتها فيما يريد الطرف الثاني اقتحامها وضمها الى سيطرته. لكن الوقائع الميدانية تدل على خلاف ذلك. فكثافة غارات المقاتلات الروسية مفهومة اذ ساهمت الى حد كبير في نجاح القوات النظامية باحكام الحصار على معاقل الثوار، ولكن ماذا عن تدخلها بوحشية اكبر في مواجهة هجمات المعارضة التي نجحت، الى حد ما، في تحقيق خروق؟

كما وان مبادرة روسيا، بعد احكام الحصار على حلب، الى فتح «ممرات انسانية» للمدنيين والمقاتلين بالتزامن مع اعلان الاسد استعداده للعفو عن كل من حمل السلاح يؤدي، وفق المعارضة، الى افراغ المدينة من مئات الآلاف. وقد قوبلت المبادرة الروسية بتشكيك غربي ومن قبل الامم المتحدة، الى حدّ ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اعرب عن خشيته من ان تكون «مجرد خدعة» وتحذيره من ان اثبات ذلك «سيوقف كل اشكال التعاون التي تحددت في تفاهمات موسكو».