إثر توقيف الوزير السابق ميشال سماحة في آب 2012، ولاحقاً لدى إصدار المحكمة العسكرية حكمها في حقه في أيار 2015، تعالت الأصوات من بعض قوى 14 آذار تطالب بإحالة ملفه على المحكمة الدولية. وزير العدل أشرف ريفي عاد إلى النغمة ذاتها بعد قرار محكمة التمييز العسكرية إخلاء سبيله. وضع لاهاي كواحد من ثلاثة احتمالات قد يلجأ إليها.
الصحافية مي شدياق، كزملائها في 14 آذار، لوّحت عقب صدور الحكم على سماحة بسيف لاهاي، وقالت في مقابلة تلفزيونية إن العبوات التي نقلها من سوريا مشابهة لتلك التي استهدفتها في أيلول 2005 واستهدفت الشهيد جورج حاوي قبلها بثلاثة أشهر، و»هذا هو الرابط الذي سيربط قضيتي بالمحكمة». لكن التسجيلات، بالصوت والصورة، التي بثها فرع المعلومات واعترافات سماحة، بينت أن المخبر ميلاد كفوري هو من حدد أنواع الأسلحة والمتفجرات، وهو ما يدفع معنيين بالقضية الى التساؤل: هل تشابه أنواع المتفجرات جاء من طريق الصدفة أم أن الفرع تعمده لربط سيناريو ما بالنظام السوري؟ التساؤلات لا تزال تتوالد، ولا سيما بعد تأكيد ريفي في مقابلة تلفزيونية أن كفوري «يعمل معنا في الفرع منذ عام 2005 وأنا عرّفته إلى اللواء وسام الحسن وإلى الوزير محمد الصفدي الذي عمل لديه مسؤولاً أمنياً».
التلويح بالمحكمة الدولية يظهر القضية وكأنها «استدراج للنظام السوري وعلى رأسه الرئيس بشار الأسد للادعاء عليه في لاهاي بتهمة التحضير لعمليات إرهابية في لبنان»، بحسب مصادر مطلعة على الملف. المصادر ذكّرت بتوقيت بثّ التسجيل الهاتفي بين سماحة ومستشارة الأسد بثينة شعبان عقب صدور قرار إخلاء سبيله. علماً بأن ريفي إثر توقيف سماحة اقترح الادعاء أيضاً على شعبان، لكن قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا رفض لعدم كفاية الدليل. واستحضرت المصادر معلومات جرى التداول بها عقب توقيف سماحة، تحدثت عن أن استدراج سماحة «نسقه الحسن مع وكالة الاستخبارات الأميركية ومولته قطر، والهدف التصويب على الأسد نفسه».
وإذا كان الدور القطري في قضية سماحة لا يزال في إطار الشائعات، فإن أوساط سماحة نقلت عنه أن السيارة التي يملكها ونقل بها المتفجرات من دمشق إلى بيروت وظهرت في التسجيلات وهو يسلم المتفجرات لكفوري، هي هدية من الأسد كان قد تلقاها بدوره هدية من أمير قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني بعد عدوان تموز 2006. في تلك السيارة، أثبتت التحقيقات أن كفوري استطاع تثبيت جهاز تنصت سري لم يكشفه سماحة، سجّل عشرات المكالمات (من ضمن نحو 400 تسجيل صوتي بحوزة فرع المعلومات) لسماحة مع شخصيات سياسية وأمنية.
واللافت أنه سواء أحيلت قضية سماحة على المجلس العدلي أو المحكمة الدولية، فهذا سيعني إحالة «ملف سماحة ــ اللواء علي مملوك»، لا ملف سماحة وحده. المحامي صخر الهاشم، وكيل سماحة، أوضح «للأخبار» أن الإحالة توحّد الملفين بعد أن فصلتهما المحكمة العسكرية قبل نحو عام للسير بمحاكمة سماحة وحده التي دامت شهرين قبل إصدار الحكم بحقه. وقال الهاشم إن إحالة الملف على العدلي «تعني إبطال كل ما سبق في محاكمة سماحة حتى القرار الاتهامي الذي أصدره أبو غيدا». وسأل: «هل يتحمل وضع البلد فتح الملف من البداية واستدعاء مملوك للتحقيق؟».
بعد قرار تسريع المحاكمات الذي ظهر أخيراً بتقريب مدة الجلسة الأخيرة وجلسة اليوم (الفرق أسبوعان)، قال الهاشم إنه «ليس مرتاحاً للجو العام للمحاكمة». بالنسبة إلى جلسة اليوم، أشار إلى أنه لن يسير بالاستجواب، وسيطالب رئيس المحكمة القاضي طاني لطوف ببتّ الطلبات التي رفعتها هيئة الدفاع سابقاً، من الاطلاع على داتا الاتصالات، ونوعية المتفجرات وكيفية استخدامها.
ماذا لو أصدرت التمييز حكمها قريباً بحق سماحة، علماً أن مصادر قضائية تتوقع أن «تصدر التمييز حكماً غير مخفف كما فعلت العسكرية»، ما يعني احتمال أن تحكم التمييز عليه بالسجن سبع سنوات. «لن أهرب من لبنان وسأواجه الحكم وأعود إلى السجن لتنفيذ العقوبة»، ينقل الهاشم عن سماحة. وماذا عن كفوري؟ يشير الهاشم إلى أنه رفع تكراراً طلب استدعائه كشاهد. قبل مدة كان في لبنان وشوهد في منزله وسط حراسة أمنية. حالياً، مكانه غير معلوم، إلا أن زوجته وأولاده في لبنان.