في الموضوع الرئاسي ما من قائد سياسي يضع خطة أ لتحقيق هدف كبير من دون أن يدعمها بخطة بديلة أو أكثر، بأو حتى ج. وعندما طرح الرئيس سعد الحريري بادرته بترشيح الزعيم الشمالي سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية على تلك الصورة التمهيدية غير الجازمة وغير الرسمية، صار من الجائز التساؤل: هل ترشيحه لشخصية من التكتل المنافس هو بمثابة الخطة أ، ولها توابع بديلة؟ أم انها مجرد القاء حجر كبير في بركة الخصم لخضّها واحداث تموجات فيها وتعكير صفوها؟ وما ظهر حتى الآن ان ترشيح فرنجيه لم يكن مجرد رصاصة أحدثت فرقعة في الهواء، وانما اصطدمت بجدار صلب، وتناثرت شظاياها، وأصابت هدفاً محدداً في ١٤ آذار، وهدفاً محدداً آخر في ٨ آذار، وألحقت بكل منهما بعض الجروح غير الخطرة، أو بعض الخدوش. بمعنى أن شظايا الرصاص المنفجرة كان لها ضحايا في المعسكر الحليف والمعسكر المنافس على حد سواء!
***
بمراجعة للوقائع يتضح أن الرئيس سعد الحريري اتبع الأسلوب الصح منذ البداية، عندما توجه للتفاوض مع الرأس في الفريق المنافس حول الرئاسة. ومن هنا بدأ التفاوض مع المرشح الأصلي للرئاسة العماد ميشال عون، مدعوماً من وراء الستار بالحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله. وهذا يعني أن الخطة أ في الموضوع الرئاسي هي للعماد عون، مما يقود الى الاستنتاج أن ترشيح فرنجيه كان الخطة ب… ولكن ماذا بعد؟ وما الخطوة التالية؟ ومتى تظهر مؤشرات الحركة بعد السكون؟ ذلك أن الولادات المتعسرة قد تحتاج الى تنشيط الطلق الاصطناعي، لتسهيل الولادة، وبخلاف ذلك يهدد الخطر حياة المولود والوالدة على السواء!
***
اذا كان صحيحاً أن أزمة لبنان هي جزء لا يتجزأ من أزمات المنطقة، فذلك يعني أن الحل اللبناني هو جزء لا يتجزأ أيضاً من حلول المنطقة، وتفسير المبادرات الرئاسية وغيرها يبدو أنه يهدف الى تسلية الكبار في لبنان، ومساعدتهم على ملء أوقات الفراغ بالنسبة اليهم، والى حرص على عدم وجود فراغ سياسي في لبنان، لأن القاعدة هي أن رأس البطال مصنع الشيطان. ولأن حلول أزمات المنطقة لا تزال بعيدة، فإن أفضل ما يفعله القياديون في السياسة هو اشغال رؤوسهم بما يفيد البلد والناس، أي بتفعيل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا