لم يكن مستغرباً ان تسارع الحكومة اليمنية الى رفض ما تزعم ايران انها خطة سلام من أربع نقاط قدمها محمد جواد ظريف الى الأمم المتحدة، وان تعتبرها مناورة سياسية، فيما أجمع الديبلوماسيون في نيويورك على ان ايران آخر من يحق له طرح نفسه كوسيط سلام محايد في اليمن.
ليس سراً أن ايران هي التي أحبطت كل الحلول السلمية وأصرّت على دفع اليمن الى أزمته، في محاولة للسيطرة عليه، ولم تتوانَ عشية عملية “عاصفة الحزم” عن الإعلان انها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية بينها صنعاء!
صورة ايران في المنطقة انها متعهّدة مشاكل، ولهذا فإن خطتها هذه هي محاولة التفافية تهدف الى وقف “عاصفة الحزم”، التي شكّلت بداية عدٍ عكسي لن يلبث ان ينهي عربدتها في الإقليم، وبهذا المعنى فإنها خطة هدفها وقف بداية التراجع الإيراني عبر السعي الى المحافظة على قوة ذراعها الحوثية.
المضحك انها خطة لا تكتفي بإعتراض قرار مجلس الأمن الذي صدر في ١٤ من الجاري، وأعطى الحوثيين فرصة عشرة أيام للإنسحاب من مواقع الدولة وتسليم الاسلحة التي سرقوها من معسكرات الجيش والعودة الى “الحل الخليجي” ومفردات الحل الوطني التي تم التوصل اليها، بل انها تتجاهل كل هذا وتستعجل الدعوة الى وقف النار وإنهاء “عاصفة الحزم” وتشكيل حكومة وطنية لا تستثني أحداً!
المضحك أكثر ان طهران تفترض ان اليمنيين والعرب والعالم بلا ذاكرة، عندما تطرح نفسها الآن داعية سلام والمعروف انها عملت على تدمير كل مراحل الحل السلمي في اليمن، وهو ما جعل المبعوث الدولي جمال بن عمر يحمّل الحوثيين، الذين دفعتهم ايران الى الإنقلاب على الشرعية، مسؤولية كل ما يجري في اليمن حيث قال في الخامس من آذار “ان اجتياحهم لمؤسسات الدولة ووضعهم الرئيس عبد ربه منصور هادي في الإقامة الجبرية واعتقال رئيس حكومته خالد بحاح، تضع اليمن على حافة حرب اهلية ولن يقدروا على فرض سيطرتهم على البلاد”.
وهل يتذكر ظريف وخطته “السلمية” الآن ماذا كان يُقال في طهران في ذلك الحين قبل اسابيع، أولم يكتب مستشار علي خامنئي حسين شريعتمدراي في “كيهان”: “ان الثورة اليمنية الاسلامية ستمضي قدما وان الدور المقبل سيكون على السعودية”؟ أولم يعلن حسن أمير عبد اللهيان في ١٢ شباط تحديداً “ان جماعة الحوثي تدفع اليمن في الإتجاه الصحيح وان ايران تدعمهما”؟
ثم هل نسي حسن روحاني انه قال في ذلك التاريخ “لقد رأيتم ايران كيف ساعدت العراق وسوريا ولبنان واليمن…”. واليوم يتحدثون عن خطة سلام لليمن ولكن من الواضح انها خطة لانتشالهم من وحول اليمن والمنطقة!