اسمحوا لي، لمناسبة الـ”سان فالنتان” بعد أيام، أن أكتب عن الحبّ.
هو، بحسب التحديدات المتعارف عليها، أنواع: حبّ الأهل لأولادهم، الحبّ بين الأصدقاء، الحبّ بين أفراد العائلة، وأخيراً وليس آخراً، الحبّ القائم على تجاذب بين شخصين، أو ما يُسمّى بـ”الغرام”، الذي يؤدي الى نشوء علاقة (بين إنسانين من جنسين مختلفين أو جنس واحد)، أكانت طويلة الأمد أم قصيرة؛ أكانت تفضي الى ارتباط أم لا.
في هذا الإطار، غالباً ما نسمع عن الحبّ “العذري”. درسناه في الشعر، قرأنا عنه في الروايات، وسمعنا عنه قصصاً من “واقع” الحياة. فلان أحبّ فلانة “من بعيد لبعيد”، ولم يكنّ لها أيّ مشاعر شهوانية لأنه “يحترمها” (كأن الشهوة إهانة، بينما العكس في الحبّ هو الصحيح). فلانة أغرمت بفلان لكنها كانت أطهر من أن تشتهيه. عذراً ولكن، كفى ضحكٌ على أنفسكم، وكفى عقابٌ لها خصوصاً.
لا يكون حبّ من دون رغبة (والعكس صحيح). الجسد في الحبّ ليس أكسسواراً، بل أساس. تالياً، إذا كان الحبّ “عذرياً”، فلأن الجسد مقموع، وليس لأن الرغبة غير موجودة. جولةٌ على فانتاسمات “العذريين” المكبوتة تكفي، لو كانت متاحة، لإثبات ذلك.
أفهم أن يكون الحبّ بين مراهقَين عذرياً لاستحالة ممارسة الجنس أو لعدم جهوزية أحد الطرفين، أو الإثنين على السواء. هو في هذا المعنى حبّ عذري بالقوة، أو حب شهواني “مؤجل”.
أفهم أيضاً أن يقرر راشدان الانتظار، قليلاً أو كثيراً، قبل اتخاذ تلك الخطوة، لأسباب، منها الحاجة الى تعميق المعرفة الفكرية، التواصل الشعوري، أو ربما لتأجيج الرغبة. هنا أيضاً، هو حبّ شهواني مؤجل، وليس عذرياً.
أما أن يكون الحبّ “عذرياً” بين راشدين واعيين مسؤولين، يعرفان كيفية التمتع بجسديهما وحماية هذين الجسدين في آن واحد، لأسباب “أخلاقية” أو دينية أو اجتماعية محضة، فـ”تفنيصة” أو نكران وخبث وتمثيل وقمع مهين. أن ينتظر راشدان مثلاً أربع سنوات، أكثر، أو أقل، لكي يبارك كاهن أو شيخ علاقتهما قبل أن يمارسا الجنس، فهذا حبّ شهواني مقموع، وليس عذرياً. أن ينتظرا، لأنه ينبغي للمرأة أن تصل الى “ليلة الدخلة” عذراء، فهذا أيضاً حبّ شهواني مقموع، وليس عذرياً. هو ليس مقموعاً فحسب، بل قد يكون أيضاً سبباً في نشوء خلل جوهري في العلاقة الزوجية، لأن على الطرفين أن يختبرا انسجامهما الجنسي قبل الارتباط.
لو أوتي لجميل وبثينة، أو لقيس وليلى، أن يمارسا الجنس من دون عواقب وأحكام و”قصاص”، لما تردّدوا.