تعددت الأسباب والرفض واحد… التيار الوطني الحر ومثله القوات اللبنانية، توافقا على مقاطعة الجلسة التشريعية، طالما أن جدول أعمالها لم يتضمن مشروع قانون انتخابات، أو مشروع قانون استعادة الجنسية. بينما جاء رفض حزب الكتائب مطلقاً، وبالاستناد الى مبدأ عدم جواز التشريع من قبل مجلس النواب وهو في حالة هيئة ناخبة.
البعض اعتبر في تصلب رئيس الحزب النائب سامي الجميل في رفضه نوعاً من المزايدة على تفاهم عون – جعجع، والبعض الآخر رده الى استبعاد الرئيس نبيه بري لحزب الكتائب عن الاجتماع السداسي الذي انعقد في مجلس النواب في ٢٣ أيلول الماضي، والذي خصص للبحث بترقيات الجيش، على أن هذا التقدير يشوبه كون تيار المردة استبعد عن ذلك الاجتماع أيضاً، فيما سليمان فرنجية من دعاة حضور الجلسة التشريعية…
وبين المعارضين من تساوره الشكوك باحتمال ان تستغل جهة ما اكتمال نصاب الثلثين لتطرح اسماً لرئاسة الجمهورية، علماً أن مَن أكمل النصاب يستطيع إنقاصه بطرفة عين…
يبقى أن هناك مَن ينفي بالمطلق وجود تشريع الضرورة في الدستور اللبناني، كالنائب نقولا فتوش، استناداً الى دراسة أعدها في حزيران الماضي، وفيها يقول إن تشريع الضرورة لا وجود له، لأن التشريع من جقوق السيادة وإن سلطة التشريع أصيلة ومطلقة وتتعلق بالسيادة….
لكن بالمقابل، يبدو أن تشريع الضرورة شرع أبواب الخلاف بين الحلفاء، فحزب الله يقف في الخط المعاكس للتيار الوطني الحر، على هذا الصعيد، رغم تحذيرات قيادة الحزب من اي محاولة لكسر العماد عون الذي وصفه الامين العام السيد حسن نصرالله في آب الماضي، بالممر الالزامي لرئاسة الجمهورية.
والى حزب الله انضم تيار المردة مبتعداً عن العماد عون بعد طول تحالف وتضامن.
ويدافع النائب عمار حوري عن موقف تيار المستقبل الداعم لتشريع الضرورة، من دون التمسك بجلسة مجلس الوزراء المرصودة لتبني خطة النفايات، بعد انفراط عقدها، وتحول أصحابها عن المطامر الى التصدير، آخذاً بتوصية مجلس النواب بعدم اقرار قانون انتخاب بغياب رئيس الجمهورية.
وتقول أوساط الرئيس بري إنه ليس مرتاحاً للوضع لأن الجمّال في نيّة والجمل في نيّة، وقد أرسل يشكر موقف دار الفتوى على بيانها الأخير الداعم لجلسة تشريع الضرورة وللحكومة، ولكل من أبدى تفهمه لدوافعها المالية الملحة، لكن أوساطه لم تخف قلقه على مصير الجلسة، المطلوبة دولياً، من دون فقدان الأمل بجهود تبذل من هنا وهناك لاقناع المعارضين، أو بعضهم بتعديل مواقفهم، فالبلد فاقد لمناعته السياسية، والاقتصاد، مرهق والسجالات عبر الهواء متعبة، والحكومة تعيش من قلّة الموت، ومجلس النواب بالكاد يفتح فاه، ورئاسة الجمهورية شغور دائم وطموحات مستحيلة.
لقد حذّر النائب وليد جنبلاط من الانتحار الذاتي، ورد عليه الدكتور سمير جعجع بما معناه ان لا أحد يريد الانتحار في لبنان، لكن بالتأكيد الموت السريري ليس البديل.
الرئيس سلام يغادر اليوم الى الرياض لتمثيل لبنان في القمة العربية – الأميركية اللاتينية، وستكون فرصة له لطرح أوجاع بلده في هذا المجمع الدولي والعربي الكبير، كما ستكون فرصة للابتعاد عن روائح النفايات وبورصة النفايات، الى جانب تداعيات الجلسة التشريعية المعقدة، على أمل العودة وقد أصلح العطّار ما أفسده الدهر.
الحكم حكيم بوجود تمام سلام، الذي استنفد أو كاد احتياطيه من الصبر وطول الأناة، وهذا العلاج هو الممكن للحالة المرضية المستحيلة، وأي مغامرة، أو دعسة ناقصة محتملة، يمكن ان تفضي الى التلاعب بعدّاد عمر النظام برمته، وهذا ان تمناه البعض، فلن تسمح به الأكثرية.