الفراغ شبه الشامل في لبنان من أمامكم، والفَدْرَلَة في سوريّا من ورائكم، فأين المفرّ؟
عين العقل والصواب تركيز كبار القادة والمسؤولين والمرجعيّات على الفراغ الرئاسي الذي بدأ يُشغل البال، ويفتح المجالات لتنطّ الفئران إلى الصدور وتزرع القلق في حقولها الخصبة. فالناس من دون زمَّيْرَة يرقصون. فبعد سنتين من انتظار غودو اللبناني على مفرق بعبدا يبدو اللبنانيُّون في قمة اليأس.
تساؤلات الداخل والخارج عن الأهداف الحقيقيَّة من الأضرار على منع اللبنانيّين من انتخاب رئيس جمهورية، بدأت ترافقها شائعات ليست عفوية أو وليد المصادفة، تتحدَّث عن أشياء أخرى تماماً. عن اللامركزية الواسعة مثلاً. عن مؤتمر تأسيسي. عن تفرُّد إيران بالورقة اللبنانيَّة، من الفراغ الرئاسي إلى احتمالات ليست بعيدة من الهواجس التي تثير النقزة والقلق لدى فئة من اللبنانيّين أُعطيت مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال فبدأت تنعى وتبكي كالنساء.
عند هذا المفترق لا مفرَّ من المصارحة في الموضوع الرئاسي، والتأجيلات التي تبلغ الستة والثلاثين للجلسات النيابيّة، مع جلسة غد التي لن تُعقد بدورها لعدم اكتمال النصاب. وعن سابق تصوُّر وتصميم.
لا بدَّ هنا من توجيه سؤال الى مَنْ يصرّون على الاعلان يوميّاً، وفي كل المناسبات، أنَّ مرشَّحهم الوحيد دائماً وأبداً هو الجنرال ميشال عون.
مبروك عليكم الجنرال منذ الآن. ولكن، متى تفكَّرون في حضور الجلسة الانتخابية والتصويت له، ومرافقته بالطبول والأناشيد إلى قصر بعبدا؟” ماذا تنتظرون، إذا كان هذا الكلام جديّاً؟
لقد مرَّ عامان، ودخل الفراغ عامه الثالث بكل همَّة ونشاط، ولكنكم رفضتم ستاً وثلاثين دعوة إلى جلسات انتخابيّة. وغداً سترفضون السابعة والثلاثين. حتماً، هذه المقاطعة ليست لمصلحة لبنان. ولا هي دفاعاً عن المقاومة. ولا علاقة لها بالمفاجأة الكردية. فما هي القصة إذاً؟
مرشّحكم جاهز كل ساعة وتكَّة. الجلسات تُترى وتؤجَّل. تصريحاتكم وخطاباتكم تبدأ بمرشّحكم الجنرال، وتنتهي بأن لا مرشَّح عندكم سوى الجنرال…
أمركم يثير الدهشة والحيرة. تماماً، على طريقة المَثَل المصري القائل “اسمع كلام يعجبني أشوف أمورك استعجب“.
تريدون الجنرال، عال. تفضَّلوا انتخبوه غداً، إذا كنتم جادّين في كلامكم وما إليها. إن لم يكن الجنرال هو السبب الحقيقي، أو الهدف الحقيقي، أو مرشّحكم الوحيد الحقيقي، فإلى متى تنوون إبقاء لبنان ورقة في جيب طهران، ورهينة “برنامج” مُغْفَل كليّاً؟
يقول المثل العربي إنّما الأفعال بالنيّات، وليست النيّات بالأفعال والخطابات.