يهوى اللبنانيون لعبة الأرقام والإحصاءات وعمليات البوانتاج بشكلٍ منقطع النظير:
هُم يُحصون عدد الأيام التي ما زالت النفايات في الشوارع.
وكذلك يُحصون عدد الأيام التي ما زالوا فيها من دون رئيس للجمهورية. تستهويهم أيضاً مسألة الحديث عن أرقام العجز في الموازنة، ويُحصون معها عدد السنوات التي مرّت من دون أن يكون لنا موازنة وأننا نصرف على القاعدة الإثني عشرية.
***
إستناداً إلى هذا الهوى أو هذه الهواية، انطلق سباق اللبنانيين في اتجاه عمليات البوانتاج في موضوع رئاسة الجمهورية، وتحديداً بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه وبين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، فعلى رغم أنَّ المسافة التي تفصل عن الجلسة الرقم 35 هي ثمانية عشر يوماً، فإنَّ اللبنانيين بدأوا منذ الآن عمليات الإستطلاع والبوانتاج ولعبة الأرقام وكأنَّ الإنتخابات جارية غداً.
***
وإذا جارينا اللبنانيين في هذا الهَوَس، فماذا يتبيّن لنا؟
علمياً، إنَّ أيَّ عملية بوانتاج قبل نحو عشرين يوماً من الحدث. فالتطورات الرئاسية قد تشهد تقلبات وربما إنقلابات من اليوم حتى 8 شباط المقبل، موعد الجلسة 35 لانتخاب الرئيس، ربما بسبب هذه التقلبات يتريث رئيس مجلس النواب نبيه بري في تحديد موقفه فهو يملك مفتاح الجلسة وهو يعرف أكثر من غيره أنَّ أيَّ خطأ في الحسابات ربما يطيح بالعملية بكاملها، ربما من أجل ذلك يتريث، ومن أجل ذلك يسعى إلى إكمال بازل الصورة على اتخاذ الموقف الذي يُفترض أن يتَّخذه وقبل الإقدام على الخطوة التي يُفترض أن يُقدم عليها.
***
ثمة عمليات أولية للبوانتاج، وهي عمليات تنقسم إلى فئتين:
فئة المجموعات أو الأفراد الذين لا لبس في مواقفهم، وهؤلاء هُم:
كتلة نواب المستقبل.
كتلة نواب الوزير فرنجيه.
هؤلاء سينتخبون الوزير فرنجيه لأنهم رشّحوه.
في المقابل:
كتلة نواب تكتل التغيير والإصلاح.
كتلة الوفاء للمقاومة.
كتلة نواب القوات اللبنانية.
هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر سينتخبون حكماً العماد ميشال عون لأنهم هُم الذين رشّحوه.
***
إذا ما جمعنا ما يحصل عليه كلُّ مرشحٍ من المرشحين، تكون المسافة بعيدة لنيل الأصوات التي يحتاج إليها ليُعلن الرئيس بري فوزه في إنتخابات الرئاسة، وعليه تبقى كتل وأصوات لم تحدد موقفها النهائي، وإن كانت حددته ولم تعلنه بعد، وهذه الكتل هي:
– كتلة التنمية والتحرير، وهي كتلة الرئيس نبيه بري الذي يملك مفتاح الجلسة.
– كتلة النائب وليد جنبلاط بانتظار موقفه.
– كتلة نواب الكتائب بانتظار إجتماع وقرار المكتب السياسي.
– كتلة نواب الأشرفية معظهم يؤيدون كتلة المستقبل.
– بالإضافة إلى عدد كبير من النواب المنفردين الذين يؤيدون كتلة المستقبل وآخرين تبقى مواقفهم ملتبسة ربما إلى حين دخولهم إلى جلسة الإنتخابات.
***
ماذا يعني كل ذلك؟
يعني أولاً أنَّ البوانتاج قبل إعلان المواقف النهائية للنواب هو عملية حسابية غير دقيقة وعلمية.
ويعني ثانياً أنَّ اللبنانيين يتلهفون إلى أن يروا جلسة نيابية تنتخب رئيساً بعد انتظار لأكثر من سنة ونصف سنة، لكن هذا وحده لا يكفي للجزم بأنَّ الإنتخابات ستُجرى في جلسة 8 شباط، فهل الظروف الإقليمية والدولية ناضجة لانتخاب رئيس صُنع في لبنان؟