Site icon IMLebanon

معضلة السياسة  والصراع مع الكتابة

معضلة الكتابة تنبع أحياناً من معضلة السياسة، فبمقدار ما تقع السياسة في معضلة، وتراوح مكانها، بالمقدار عينه تقع الكتابة في معضلة وتكاد أن تراوح مكانها.

دخلنا العام الثالث على المعضلات التي نواجهها، فهل نستمر في معضلة الكتابة عنها من دون حلول؟

والسؤال هنا:

هل وظيفة الصحافة إجتراح المعالجات والحلول أم الإكتفاء بتشخيص المشاكل؟

الرئاسة، نكتب منذ عامين عن الرئاسة، أيُّ زاوية فيها لم تُغطَّ؟

وأيُّ عقدة منها لم تُعالَج معالجة كاملة؟

كتبنا عن إستطلاعات الرأي الرئاسية التي قدَّمت هذا المرشح على غيره من المرشحين، فكانت النتيجة أنَّ القوى المؤثِّرة في إنتخابات الرئاسة لا تأخذ باستطلاعات الرأي وبالدراسات بل تأخذ بموازين القوى وبحساباتها واستراتيجياتها، وتضع جانباً أرقام الرأي العام، ولأن الأمر كذلك، ولأن موازين القوى لم تستقر عند منسوب معيَّن، ولأن صراع الأحجام في المنطقة لم يبلغ التصفيات النهائية، فإنَّ الرئاسة اللبنانية ما زالت عرضة لهذه التجاذبات، وأيُّ كلام آخر هو ضربٌ من ضروب الأُمنيات والتمنيات.

ومنذ عامين أيضاً نكتب عن الإنتخابات النيابية والقانون الجديد لهذه الإنتخابات التي يُفتَرض أن تجري على أساسه، فما الذي جرى؟

عشرات الإقتراحات ومشاريع القوانين تروح وتجيء بين اللجان والأحزاب والتيارات والمراجع والمقرات، ولا رسو عند مشروع أو إقتراح واحد. العقدة في عدم التوصل إلى مشروع قانون جديد لإجراء الإنتخابات على أساسه، هو أنَّ الذين يضعون القوانين يفكرون في القانون الذي يؤمِّن إستمراريتهم، فإذا لم يحقق هذا الهدف فألفُ سلام على القوانين. ولا مشكلة عندهم، فالبدائل موجودة وهي تراوح بين التمديد للمجلس الحالي أو إجراء الإنتخابات وفق قانون الدوحة المنبثق من قانون الستين، ولا ينفع الكلام عن رفض التمديد أو رفض قانون الستين:

ألم يتم التمديد قبل ذلك؟

ألم تتم الإنتخابات وفق قانون الستين أكثر من مرة؟

فلماذا المكابرة؟

نحن في العام الثاني وما زلنا نكتب عن النفايات:

أيُّ إقتراح حلٍّ لم نتطرَّق له؟

الترحيل، المحارق، المعامل، الطمر… مطمر الناعمة، مطمر سرار في عكار، المطامر في المقالع والكسارات… برج حمود، كوستابرافا… الفرز، الجمع، المعالجة، الطمر…

عامان ونحن في هذه الدوامة، فماذا كانت النتيجة؟

تجميع النفايات في برج حمود وكوستابرافا، بعدما تهاوت كل المقترحات الماضية والسابقة:

لا يُعرَف كيف طُرِحت ولا كيف طارت؟!

كلُّ ما في الأمر أنَّ هناك خلافات وقعت على حصص السمسرات والأرباح، فطار ما طار وبقي ما بقي.

هكذا تمر الأيام والأسابيع والشهور والأعوام:

السياسيون لا مشكلة عندهم لأنَّ كلَّ شيء عندهم من مستلزمات الحياة والرفاهية، ولا من محاسبة لأنَّ المحاسبة في صناديق الإقتراع النيابية غير متوافرة، وإذا ما واصلنا التعداد، التعداد الأكبر سيكون للمشكلات لا للمعالجات.

قد يمرُّ عامان آخران ونبقى على هذا المنوال، أما الإستثناء الوحيد فهو أنَّ الشعب لا يريد أن يُسلِّم بالأمر الواقع، وهذا العامل هو الوحيد الذي يجعل منسوب التفاؤل أعلى من منسوب التشاؤم، على رغم كل شيء.