Site icon IMLebanon

صراعات سياسية وإدارية تنهك أوجيرو

    

كريدية: مديرية الشبكات تشكّل العمود الفقري للهيئة… وتتأخر في إنجاز أعمالها (هيثم الموسوي)

لا حديث عند موظفي أوجيرو سوى عن أمرين: القلق على مصير الهيئة، وهذا يُفترض أن رئيسها عماد كريدية قد بدده بالتأكيد أن لا خوف على ديمومة العمل، والتوتر في العلاقة بين الإدارة والموظفين، والذي لا ينكره كريدية. لكن الخلاف يتركز حول أسباب هذا التوتر. هل يعود إلى تداخل المصالح السياسية بأعمال الهيئة، أم بالسعي إلى رفع كفاءة الأداء أم بسعي الإدارة إلى إحكام قبضتها الحديدية؟

 

ينشط موظفو هيئة أوجيرو على مواقع التواصل الاجتماعي معبّرين عن مستوى من الانقسام لم تشهده الهيئة يوماً. هذا التوتر لا يمكن عزله عن الخوف على مستقبلها وعلى مستقبلهم الوظيفي. كما يندرج في إطار صراع المناصب والتعيينات التي لا تخضع لأي معيار علمي أو تقني. في الهيئة، يحكى عن «غرفة» تتم فيها عملية غربلة الأشخاص الذين يحق لهم تبوّء مراكز قيادية. ولذلك، يصبح عادياً تحول المعارضين للتوجهات السياسية للإدارة إلى فئة مهمّشة.

مشكلة أخرى في السياسة تبرز في أوجيرو. صار معلناً التوتر في العلاقة بين رئيسها ــــ المدير العام عماد كريدية وعضو مجلس إدارتها ــــ مدير الشبكات هادي أبو فرحات، كما الخلاف بين كريدية ومدير الموارد البشرية بسام جرادي. أبو فرحات هو مسؤول التيار الوطني الحر في أوجيرو، وجرادي هو مسؤول تيار المستقبل فيها. الطرفان يمثّلان عملياً القوتين الأساسيتين اللتين كانتا خلف وصول كريدية إلى مركزه (الرئيس سعد الحريري طرح الاسم، والوزير جبران باسيل وافق عليه بعدما التقاه)، في غمرة التسوية الرئاسية. طريقة التعيين، ساهمت عملياً في رفع مظلّتين سياسيتين فوق رأس كريدية، أثناء توليه مهماته. لكن هاتين المظلتين إذ تؤمنّان له الدعم السياسي، لكنهما تشكلان ضغطاً عليه داخل الهيئة. أبو فرحات وجرادي يملكان من القوة في أوجيرو ما يوازي قوته، أو على الأقل ما يحدّ منها. لذلك، سعى كريدية، على ما يتردد في الهيئة، إلى إقالة جرادي في منتصف عام 2017، إلا أنه لم يتمكن من السير بقراره نتيجة ضغوط من «المستقبل»، فاستعاض عنها بإجازة إدارية لمدة أسبوعين.

بقي جرادي وبقي البعض يعتبره «عين» المستقبل على المدير العام، وخاصة في ما يتعلق بملف التوظيف، الذي يقول كريدية نفسه إن كل الجهات استفادت منه. بالنتيجة، يؤكد موظفون أن كريدية صار غير قادر على ممارسة سلطته بالقدر الذي يريده. وهذا الحد من السلطة أكمله أبو فرحات، الذي يدير المديرية الأكبر في أوجيرو، بالتوازي مع وجوده في مجلس الإدارة. وإضافة إلى ذلك، فإن في التيار رغبة حقيقية، يُفترض أن يُترجمها في الحكومة المقبلة، بفصل منصبي رئيس أوجيرو عن مديرها العام، كما كانت قبل أن يقرر الرئيس الراحل رفيق الحريري جمعهما.

يؤدي هذا الخلاف إلى تعطيل اجتماعات مجلس الإدارة، الذي انعقد الأسبوع الماضي، بعد غياب نحو أربعة أشهر، وكان أبرز بند على جدول أعماله مكافآت نهاية العام، علماً بأن عدم انعقاد المجلس ساهم في زيادة مستوى الفوضى في الهيئة وعطّل الصفقات والتلزيمات والمناقصات العامة التي تتطلب موافقة المجلس. كما عطّل قرارات مرتبطة بالموظفين وترفيعهم. وبالنتيجة، فقد سلك عدد من الصفقات مسار التجزئة، بما يسمح بإمراره بقرار المدير العام. ويُضاف إلى ذلك خلل في التراتبية الإدارية ــــ التنفيذية. فكريدية، بصفته رئيس مجلس الإدارة والمدير العام، إنما يمارس الرقابة على عمل أبو فرحات في مديرية الشبكات، لكنه يشاركه القرار في المجلس. وفي المقابل، يمارس أبو فرحات الرقابة على عمل المدير العام بوصفه عضواً في مجلس الإدارة، بالرغم من أنه مرؤوسه تنفيذياً. وهذا يؤدي إلى خلق تضارب في الصلاحيات ينعكس مزيداً من التوتر في العلاقة بين الطرفين ويؤثر سلباً على عمل الهيئة.

ثمة من يجزم بأن كريدية يعيش بين ثلاث فئات من الموظفين: خصوم في العلن، مقربون في العلن، لكنه لا يأمن لهم، إضافة إلى أولئك الذين «يريدون السترة» وابتعدوا عن المشهد نهائياً. ونتيجة لهذا الخلل، فضّل كريدية اللجوء إلى عدد كبير من المستشارين، من بينهم الحلقة الضيقة التي يضع فيها كل ثقته، وتضم تحديداً: فدى صقر، كريستال أبي عاد، وسيم سعد، عماد معتوق ولارا أبي شاهين.

كل ما يتردد ليس دقيقاً برأي كريدية. هو لا ينكر وجود خلافات مع بعض المديرين، إلا أنه يرفض ربطها بالسياسة أو بصراع الصلاحيات. يقول إنها مرتبطة حصراً بمعايير الأداء والكفاءة، مؤكداً أنه بنتيجتها يضيّق «على كل المديرين وليس على مديرية الشبكات وحدها، لكنْ لمديرية الشبكات وضع خاص كونها المديرية التي تضم أكبر عدد من الموظفين (900 موظف)». وبالنسبة إلى كريدية، «في أوجيرو لدينا الكثير من العمل، والنمط المتّبع هو نمط بطيء، وأنا لا يمكنني التأخير». يقول إنه يضغط على أبو فرحات لأنه «مسؤول عن مديرية تشكّل العمود الفقري للهيئة وهي التي تقوم بأعمال الصيانة والتركيب وهي التي تتأخر في إنجاز هذه الأعمال». أما لماذا تتأخر؟ فيكتفي كريدية بالإشارة إلى أن «هذا موضوع ثان»، طارحاً علامات استفهام عن الأسباب الفعلية.

هل لذلك علاقة بمسألة الفصل بين رئاسة الهيئة ومنصب المدير العام؟ «لا أهتم لهذا الموضوع»، يقول كريدية، الذي يرفض اتهامه بالدخول في صراعات سياسية، مضيفاً: أكرر بأنني قريب من سعد الحريري، لكنني لست منغمساً في السياسة: «أذكّر بأن أول من أرسلته إلى منزله (إجازة إدارية) كان بسام جرادي من تيار المستقبل. وأنا أريد عملاً، ومن لا يريد أن يعمل لن أتركه بحاله».

 

تضارب صلاحيات بين كريدية وأبو فرحات: من يراقب من؟

 

بعيداً عن الخلافات مع المديرين، يقر كريدية بوجود جو من البلبلة بين الموظفين. هؤلاء يقسمهم إلى فئتين: الموظف الذي ينتظر تطبيق القانون 431، وتحديداً المادة 49 منه (تنص على إعطاء التعويضات للموظفين الذين لا ينضمون إلى شركة اتصالات لبنان عند إنشائها) ليحصل على تعويضه ويذهب إلى بيته. وآخر يظن فعلاً بأن قرارات السماح للشركات الخاصة استعمال شبكة الفايبر أو قرار تلزيم مد الشبكة أو عقود الصيانة مع طرف ثالث قد يساهم في إضعاف أوجيرو، ويؤثر بالتالي على عمله. للفئة الثانية يتوجه كريدية، مؤكداً أن «استمرارية العمل في أوجيرو مضمونة إذا قمنا بما يجب فعله. لدينا عمل كثير في الهيئة، وأجزم بأن حجم العمل حالياً يكفينا لـ 6 أو 7 سنوات، لذلك لن أتهاون مع من لا يريد أن يعمل».