IMLebanon

عوائق سياسية ودستورية تجعل طروحات عون الرئاسية غير قابلة للحياة

عوائق سياسية ودستورية تجعل طروحات عون الرئاسية غير قابلة للحياة

لو كان بالإمكان وضع قانون جديد للإنتخاب لما كان تمّ التمديد للمجلس

لا بديل ولا مناص من إتفاق مسيحي – مسيحي لإنهاء الفراغ الرئاسي

صحيح أن أي لقاء أو حوار بين فريقين في ظل القحط السياسي الذي يضرب لبنان يُعدّ إنجازاً مهماً يسارع البعض للتأسيس عليه علّ وعسى يساهم في إحداث تغييرات في «البازل» السياسي المعقد، غير أن مثل هذه اللقاءات والحوارات المحكومة بسقف معيّن تفرضه الوقائع الداخلية ومسار الأحداث الإقليمية والدولية من غير الممكن أن تحدث أي خرق جوهري في جدار الأزمة اللبنانية الآخذ بالإرتفاع يوماً بعد يوم، وبات من المسلّم به لدى غالبية القوى اللبنانية بأن أي حراك داخلي يقف على عتبة هذا الجدار، بفعل عوامل محلية وخارجية من غير الممكن تجاوزها باتجاه ولوج الاستحقاقات الكبرى والملفات الأساسية والعمل على معالجتها.

وقد أصاب النائب وليد جنبلاط في تشخيصه لمسألة الاستحقاق الرئاسي حيث أكد أن «ضدان لا يأتيان برئيس جمهورية للبنان»، وهو بالطبع قصد العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اللذين يستحيل أن يتنازل أي منهما إلى الآخر في سبيل إتمام عملية انتخاب رئيس للجمهورية وهو ما يجعل الحراك الذي يقوم به تكتل «التغيير والاصلاح» تجاه الكتل النيابية لتسويق طروحات العماد عون بشأن الأزمة الرئاسية غير مضمونة النتائج، لا بل إن المعطيات المواكبة لهذا الحراك لا تعطي أي آمال بإمكانية تحقيق أي خرق أساسي في جدار هذه الأزمة، وقد ألمح الرئيس أمين الجميّل إلى هكذا نتيجة وإن بشكل غير مباشر بعد زيارة قام بها إلى عين التينة حيث اعتبر أن فلسفة الأمور والدستور والعمل البرلماني لا تنفع والمطلوب النزول الى المجلس وانتخاب رئيس، ويعتبر موقف الجميّل بمثابة رسالة سلبية إلى الرابية وهذه الرسالة لن تكون الوحيدة حيث أن طروحات عون التي تطلب في بعض جوانبها تعديلاً للدستور يستحيل تحقيقها، لأن تأمين الثلثين لتعديل الدستور لو كان ممكناً لكان تمّ انتخاب رئيس للجمهورية، ولما كان الفراغ استوطن في قصر بعبدا منذ ما يقارب السنة وهو قابل للتمدد لأشهر إضافية ما دام الأفق الداخلي والخارجي حيال هذا الاستحقاق مقفلاً، ثم كيف يمكن إقناع من لا يعترف بشرعية المجلس النزول إليه لاجراء هذه الآلية.

وفي رأي مصادر نيابية ان ثلاثة طروحات من أصل الأربعة التي اقترحها عون هي غير دستورية والرابع يتلاءم مع الدستور، غير انه صعب المنال في الوقت الحاضر، ولتطبيق ما يرمي إليه هذا الاقتراح يلزمه فترة طويلة جداً، لأنه حصل في السابق عدّة جلسات بغية الوصول إلى قانون جديد للانتخابات وبقيت هذه الجلسات من دون أي نتيجة، وهذا يعني ان السير بهذا المقترح سيوقعنا بنفس المشكلة ولن نصل إلى أي شيء.

وتؤكد المصادر ان بنود المبادرة العونية التي يتم تسويقها لدى الكتل النيابية غير عملية وهي غير قابلة للحياة، ولن تؤدي إلى انتخاب رئيس في فترة قصيرة، مذكّرة بأنه قبل التمديد الثاني للمجلس تمّ الاتفاق على ان هذا التمديد يرتبط بوضع قانون جديد للانتخابات وعلى هذا الأساس تمّ الاتفاق على التمديد، غير ان النائب وليد جنبلاط في ذاك الحين قال فلنترك مسألة وضع قانون جديد للانتخابات إلى ان يحصل انتخاب رئيس جديد للبلاد، مشددة على ان مثل هذه الأفكار التي اتى على ذكرها العماد عون تطرح اشكاليات لدى العديد من الاطياف السياسية، وهي حكماً لا توصل إلى النتيجة المتوخاة في المدى المنظور، وبالتالي فإن ذلك يُؤكّد الموقف القائل بأن لا بديل ولا مناص من حصول اتفاق بين المسيحيين على رئاسة الجمهورية، وهذا الاتفاق هو المدخل الملائم في الظرف الراهن في اتجاه انتخابات رئيس، والا فإن الفراغ الرئاسي سيكون عمره طويلاً، سيما وأن كل المعلومات تجمع على ان لبنان غير موجود على الأجندة الاقليمية والدولية التي تعجُّ بالملفات الساخنة في المنطقة والتي تعتبر لدى أصحاب القرار أهم بكثير من الملف اللبناني الذي في تقديرها يحتمل التأجيل.

وعما إذا كان الكلام عن اقتراب إعلان ورقة النوايا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية صحيحاً وأن ذلك قد يساهم في إنهاء حالة الفراغ الرئاسي تقول المصادر النيابية ان ما يجري مجرّد استهلاك للوقت والتحايل عليه، لا بل انه بمثابة حفلة تكاذب من قبل الطرفين لأن الموضوع الأساسي ما زال الخلاف قائماً عليه وهو الاستحقاق الرئاسي.

ولا تستبعد المصادر النيابية عدم استكمال وفد «التغيير والاصلاح» جولته على المسؤولين بعد الإشارات غير المريحة التي تلقتها الرابية من أكثر من فريق حيال الطروحات التي اعلنها العماد عون وبالتالي فإن ذلك يعني ان الساحة الداخلية مقبلة على المزيد من التعقيد والتأزم.