بلبلة سياسية ونيابية يثيرها قرار برّي دعوة المجلس لجلسة تشريع
ومصادر تتحدّث عن مسؤولية حكومية – نيابية مشتركة في تردّي الوضع
يشير مسلسل الفضائح الطويل إلى المدى الذي بلغه الفساد في ظلّ دولة عاجزة عن إجتماع مجلس وزرائها
يتكشف يوماً بعد آخر، الواقع المزري الذي انحدرت إليه الدولة بين وقائع مسلسل الفساد في الإدارات العامة الذي يندى له الجبين والتي خرجت فصولها إلى العلن، وبات تراشق المسؤولية فيها يتم فوق السطوح، من فضائح الانترنت غير الشرعي الي شبكة الدعارة والاتجار بالبشر مروراً بإختلاس المليارات في قوى الأمن الداخلي، من جهة ومحاصرة لبنان اقتصادياً وسياسياً من الدول العربية كافة من جهة ثانية وصولاً إلى تراجع النمو الاقتصادي إلى حدود الصفر بعد ان وصل في أخطر مراحل الأزمات السياسية في العام 2011 إلى الثماني بالمئة.
ويشير كل هذا المسلسل الطويل إلى مدى ما بلغ إليه الفساد في ظل دولة عاجزة حتى عن اجتماع مجلس وزرائها للبت في الحاجات الضرورية المطلوبة لاستمرار تسيير شؤونها الداخلية إلى ان يهدى الله مسؤوليها وقياداتها للتوافق أو الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية يُعيد للمؤسسات الدستورية ويوقف هذا المسلسل من الفضائح ومن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والامنية التي تتراكم يوماً بعد يوم منذ بدء الشغور في الموقع الأوّل من حوالى السنتين ونيف، فيما الوزراء داخل الحكومة يتقاذفون تحميل المسؤوليات عن الأوضاع المتردية التي وصلت إليها الدولة وفيما القيادات السياسية تمعن في سياسات تسجيل النقاط على بعضها البعض، مما شجع الفاسدين والمفسدين على تعميم فسادهم في كل مرافق الدولة حتى وصل بهم الأمر إلى سياسة الاتجار بالبشر، وما هو أبعد منها والذي سيتكشف أكثر فأكثر في الأسابيع والأشهر المقبلة في حال استمرت حالة الضياع في المؤسسات الدستورية وتجذر أكثر الخلاف على الانتخابات الرئاسية إرضاء لمشيئة جهات خارجية ثبت انها تستخدم لبنان ورقة ضغط على الآخرين لرسم خريطة نفوذها الإقليمي والدولي ولتحسين مواقفها ودورها في الإقليم.
وفيما ينتظر المجتمع اللبناني بكل فئاته وشرائحه، خطوات جريئة من القيادات السياسية التي ترقد على الملفات الوسخة وتتلهى بمناكفاتها وسياساتها الكيدية والمصلحية خطوات جريئة وسريعة على طريق إنقاذ الدولة من الواقع المتردي الذي وصلت إليه، يستمرون في تعنتهم وإلهاء اللبنانيين بالقشور، فيما البلد يحترق يوماً بعد يوم، وذريعتهم ان الأمر فلتت من أيديهم واصبحوا الضحية كغيرهم من أفراد الشعب اللبناني ينتظرون ان يأتي الحل من الخارج الذي بات يمسك تماماً بالورقة اللبنانية، ويمنع على اللبنانيين من ان يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، قبل ان يفقدوا القدرة على ذلك تماما.
وحال الحكومة على هذا الصعيد ليست أفضل حالاً من القيادات السياسية لأنها نتاج هذه القيادات واسيرة حساباتها وما أكثر الأدلة على ذلك بدءاً من فضيحة النفايات إلى الفضائح التي كشفت عنها التحقيقات مؤخراً وصولاً إلى فضائح الفساد وانهيار علاقات لبنان بالدول العربية وحتى الدول الأجنبية التي حاولت مراراً وتكراراً التدخل ونصح هؤلاء المسؤولين بتحمل مسؤولياتهم تجاه شعبهم وبلدهم وعدم التفريط بهما لحساب مصالح شخصية وأمنية وما تعثر الاستحقاقات الرئاسي حتى الآن والفضائح الكثيرة سوى دليل على صحة هذا القول. علماً بأن رئيس الحكومة بذل جهوداً حثيثة ولا يزال يبذل كل ما عنده لتصحيح الوضع وإعادة الدولة الى الخط الصحيح لكن كل هذه الجهود باءت بالفشل نتيجة تصرف الطبقة السياسية الممسكة بكل مفاصل الدولة، وتمنعها من التحرّك حتى في أبسط الأمور التي تتعلق بشؤون النّاس اليومية، ومع ذلك لا يمكن ان تبقى الحكومة خارج المحاسبة الشعبية على تقصيرها في تحمل مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطن، ولو من باب وضع الأمور في نصابها وتحميل هذه الطبقة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلد وما وصلت إليه الدولة من اهتراء في كل مرافقها ومؤسسات العامة، أو الاقدام على خطوة ما، قد لا تكون الاستقالة بعيدة عنها بوصفها أي الاستقالة آخر الدواء بعدما ادارت هذه الطبقة ظهرها لها وغرقت في وراء مصالحها كل حسب ارتباطاته أو رهاناته الخارجية والإقليمية.
وفي إطار تحميل المسؤولية، لا يمكن ان يبقى رئيس مجلس النواب والنواب بعيدين عن المساءلة والمحاسبة من قبل الشعب اللبناني كون المجلس يُشكّل السلطة التشريعية الأولى في البلد وعليه واجب ومسؤولية محاسبة كل السلطات الأخرى، الاجرائية والقضائية والوقوف سداً منيعاً ضد سقوط الدولة وضد اعتبارها دولة فاشلة كما يلوح ذلك في الأجواء الدولية وحتى في مقر الأمم المتحدة، وذلك بدلاً من ان يتلهى بكذبة تشريع الضرورة فيما المطلوب منه أكبر واهم بكثير وهو الاجتماع وبقاء جلساته مفتوحة إلى ان يُصار إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يغلق هذا الملف ويعطي اللبنانيين املاً جديداً بعودة الحياة إلى الدولة وعودة الأمل إلى عقد جلسة تشريعية قبل نهاية هذا الشهر، ويكتفي النواب المسيحيين بمقاطعتها الا إذا تضمن جدول أعمالها بند إقرار قانون الانتخابات النيابية بوصفه تشريعاً ضرورياً، خصوصاً وأن حليفه حزب الله يجاهر بلسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم مؤيداً لتفعيل مجلس النواب من أجل إقرار القوانين التي فيها مصلحة للناس وأن يكون التشريع في كل شيء وليس بمقدار الضرورة التي يتحدث البعض عنها ولا في اشتراطات مختلفة لأنه لا يوجد في الدستور ما يمنع من انعقاد المجلس النيابي من أجل التشريع وهذه مسؤولية الجميع.
لكن أمين عام حزب الله يفصل بين دعوة مجلس النواب للتشريع ودعوته لانتخاب رئيس الجمهورية في محاولة منه ليبعد عن حزبه مسؤولية انتخاب رئيس وانتظام مؤسسات الدولة طيلة السنتين الماضيتين.