مجموعات «الثورة» والحراك المدني المعارض سيفوزون بمقاعد قليلة لن تقدّم ولن تؤخّر
لا مجال للتشبيه بين إنتفاضة 17 تشرين 2019 مع ما تبعها من حراك شعبي وثوري بين الحين والاخر، وصولاً الى اليوم، فحينها نجحت تلك الانتفاضة في إعلاء صوتها ضد السياسة القائمة، التي ادت الى تدهور الاوضاع في لبنان على يد بعض الفاسدين، لذا إنتشر المنتفضون في وسط العاصمة ومختلف المناطق، للمطالبة بالاصلاح وبأدنى مقومات العيش والحقوق، التي تؤمّنها دول العالم الثالث لمواطينها، وأسمعوا أصواتهم الى المجتمع الدولي، الامر الذي جعل تلك الانتفاضة تبرز بقوة في الخارج، بعد ان سار على دربها المغتربون اللبنانيون، الذين نجحوا بدورهم في إطلاق شرارتها في عواصم القرار حيث يتواجدون، من خلال التظاهرات التي قاموا بها، لمساعدة اخوانهم اللبنانيين الذين يعيشون أسوأ مراحل حياتهم، من جرّاء السلطة الفاسدة التي تعاقبت على لبنان منذ عقود من الزمن، ومع ذلك لم يرّف جفن اهل السلطة، مما يؤكد بأن المسيرة طويلة الامد، كي يحصل اللبنانيون على تلك الحقوق، مع ما يترافق ذلك من مطالب للقضاء على الفساد المستشري في الدولة، وعلى محاكمة السياسيّين السارقين والناهبين لأموال الشعب، الامر الذي جعل لبنان منهوباً ومسروقاً لا مفلساً، ودفع بالثوار للمطالبة بضرورة تبديل الطبقة السياسية، المسؤولة عن ترديّ حالة البلد الى المستوى الخطير الذي نعيشه اليوم، في ظل شعار» كلن يعني كلن».
وتبع ذلك محاولة الاحزاب اللبنانية التلطيّ و «التطنيش» على هذا الشعار، بحيث عمل الجميع على جعل نفسه الضحية لقطف ثمار الانتفاضة، وابرزها إستقالة رئيس الحكومة حينها سعد الحريري على وقع هتافات الشارع، وبالتالي الوحدة الوطنية التي تجلّت بأسمى معانيها من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، وإزالة حواجز الخوف الطائفي والمذهبي التي سقطت بقوة امام الجوع والفقر والبطالة، فضلاً عن رفض الشعب لأول مرة للاحزاب التي قضت على البلد منذ عقود، بحيث كان اركانها امراء حرب، وما زالوا متربّعين على عروش السلطة من خلال توريث ابنائهم، الامر الذي يدعو للسؤال عن إسم رئيس حزب واحد لم يصل الى منصبه بغير الوراثة؟، بإستثناء القليل منها.
الى ذلك تبرز مخاوف لدى مصادر سياسية معارضة، من فقدان أي امل بالتغيّير في الانتخابات النيابية المرتقبة، لانّ مرشحيّ الحراك المدني ومجموعات «الثورة»، لن يحظوا سوى بمقاعد نيابية قليلة لن تقدّم ولن تؤخر، بسبب عدم توحيدهم ضمن لوائح محدّدة، وعدم وضعهم الخطط المستقبلية التي تعمل على إستيعاب الناخبين التوّاقين الى التغيّير الفعلي والمنتج، لا الصوري الذي لا ينفع حين يستعين بالشعارات الرنانة والكلام المعسول، مع الاشارة الى ان تلك المجموعات تواجه احزاباً قوية قادرة « على اللعب على الحبلين «، وبالتالي فهي تستعين بكل شيء للوصول الى غاياتها، مما يعني انّ الاحزاب المتخاصمة ستتحالف مهما كانت خلافاتها، للفوز بالمقاعد النيابية وعدم إيصال تلك المجموعات، لانها تتفق في ما بينها حين ترى انّ الموس وصل الى ذقنها، والى جانب الاحزاب هنالك العائلات الإقطاعية، التي ما زالت تتوارث الزعامة حتى اليوم، ما جعل لبنان نموذجاَ يقتضى به في انتقال الزعامة من الأجداد والآباء الى الأبناء والأحفاد وصولاً الى الاقارب، وآخرها الى الاصدقاء كما حصل خلال تشكيل الحكومة الحالية، وكأن لا احد يستطيع الوصول الى مناصب مهمة غير افراد تلك الاحزاب والعائلات، التي حكمت لبنان تحت عناوين النضال المستمر والكفاح من اجل الوطن، فيما الحقائق تؤكد عبر الازمان، بأنّ هؤلاء يصلون دائماً على شهادات ونضالات وتعب المحازبين، ابناء العائلات الفقيرة.
وتابعت المصادر:» إنطلاقاً من هنا فحدّث ولا حرج، لذا ستتكرّر الوجوه في المجلس النيابي الجديد، والتبديل سيقتصر على أفراد الاسرة الواحدة، والتغيير سيكون عبر اختراقات قليلة جداً من جانب لوائح المجتمع المدني، أي علينا الا نتفاءل كثيراً، فالكتل النيابية عائدة مع تبدّل سيكتفي بنائب او نائبين « بالزائد او بالناقص»، فلا تحوّلات كبرى وعلى الجميع ان يفهم ذلك، مستغربة ما يكرّره البعض» بأنّ التغيّير آت في المجلس»، فيما هذا الامر يبدو مستحيلاً، لانّ الاحزاب الاساسية عائدة كـ «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» وحزب الله، و «حركة امل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» و «تيار المستقبل»، على الرغم من كل الشائعات بأنّ الرئيس سعد الحريري لن يخوض الانتخابات النيابية مع تياره، لكن كل شيء سيظهر في الربيع المقبل، خصوصاً انّ الاحصاءات تؤكد ما نقوله، كما ختمت المصادر المذكورة.