Site icon IMLebanon

الحسابات السياسية أنهت  تحالف ١٤ آذار

لا أحد يستطيع، وان كان في موقع مختلف، نسيان ذلك المشهد المهيب يوم ١٤ آذار ٢٠٠٥، ولا شيء يوحي ان استعادة المشهد ممكنة في هذه الأيام، بعدما تغيّرت الدنيا في لبنان وحوله. شعب قاد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الى تفجر الغضب المتراكم لديه على مدى عقود. وليس كل الذين نزلوا الى ساحة الحرية حاملين الأعلام اللبنانية جاؤوا ضمن الحشود التي تنظمها الأحزاب والتيارات. ولا كان الرد على مشهد ٨ آذار هو العامل الأساسي وراء حماسة الشيوخ والشباب من الجنسين لما صار ثورة الأرز.

كانت المطالب الفورية المطروحة على الحامي، والتي تبلورت على البارد سلسلة مكتملة: العدالة، خروج القوات السورية، رفض التمديد، تغيير السلطة، والعبور الى الدولة. ما تحقق هو انشاء المحكمة الدولية، وانسحاب القوات السورية تطبيقا للقرار ١٥٥٩. ولم تخذل الناس تحالف ١٤ آذار المشكل من أحزاب وتيارات، إذ أعطته الأكثرية النيابية في دورتين انتخابيتين. لكن التحالف عجز، بالقصد أو بحكم الظروف والمصالح، عن توظيف الأكثرية في السلطة. والأهم هو العجز عن تحقيق برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي. فاللعبة بقيت محصورة في الصراع السياسي والتسويات السياسية الجزئية. وما يتحكم بقوانين التسويات والصراع العاري على السلطة هو المصالح.

وهكذا بدأ الخروج من قوى ١٤ آذار، ثم جاء الخروج عليها. لا من أجل التسوية التاريخية التي يحتاج اليها لبنان بل من أجل تسويات طابشة لمصلحة الطرف القوي في ٨ آذار. والمعادلة واضحة: الحرص على العيش المشترك والتحرّك العابر للطوائف والتمسك بالوطنية جاءت بما صار قوى ١٤ آذار والحسابات السياسية لدى الأحزاب والتيارات التي أمسكت باللعبة أنهت تحالف ١٤ آذار. ولولا قوة حزب الله والامساك بالطائفة الشيعية، وبرنامجه المرتبط بمشروع اقليمي، لما بقيت قوى ٨ آذار متمسكة بالتحالف، وهي تعدّد أرباحها وتوحي انها تقف على الجانب الصحيح من التاريخ.

لكن من الوهم التصرف على أساس ان موازين القوى ثابتة في لبنان والمنطقة، وليست متأثرة بموازين المصالح وباللعبة الدولية الأكبر من اللعبة الاقليمية واللعبة المحلية. فالموازين تبدّلت بالمغامرة المحسوبة التي قام بها الرئيس فلاديمير بوتين في سوريا. وهي مرشحة للتبدّل بالأولويات الأميركية التي يضع استراتيجية لها فريق الأمن القومي في ادارة الرئيس دونالد ترامب.

ولا مجال للهرب من درسين أكدتهما التجارب. درس لقوى ١٤ آذار خلاصته ان لبنان ليس بلد ثورات وان ثورة الأرز كانت حلما. ودرس لقوى ٨ آذار موجزه ان لبنان ليس بلد غالب ومغلوب، وان الاستيلاء على الشرعية هو وصفة للانتحار السياسي والعسكري.