IMLebanon

الأوساط السياسية تتوقّع ولادة طبيعية للحكومة قبل نهاية ت2

العهد العوني يستعجل التأليف وغير قلق من تحفّظ برّي وحزب الله

الأوساط السياسية تتوقّع ولادة طبيعية للحكومة قبل نهاية ت2

إذا كان حزب الله معنياً بإيصال  الجنرال إلى بعبدا فهو غير معني بإيصال الحريري إلى السراي الحكومي في ظل الخلاف الإستراتيجي معه..

بانتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 83 صوتاً، ومعارضة 44، انتهى الجهاد الأصغر وبتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى الذي أضحى مضموناً بعدما قالت معظم الكتل النيابية كلمتها بدأ الجهاد الأكبر لضمان تشكيلها في أقرب وقت لكي ينطلق العهد وتنطلق معه ورشة إعادة الثقة الإقليمية والدولية، والأهمّ من الإثنين، استعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم التي تعاني الإفلاس السياسي، قبل الاقتصادي والمالي، وهذا كلّه يطرح بدوره السؤال الكبير، هل أن ثمّة استعداداً ونيّة من قبل الطبقة السياسية المتسلّطة على كل مقدّرات الدولة ومرافقها الاقتصادية والدستورية، وتحديداً من قبل الذين عطّلوا الاستحقاق الرئاسي مُـدّة سنتين ونصف قبل أن يأتيهم الوحي الخارجي بتسهيل عملية إنتخاب الرئيس، أم أن لعبة التعطيل ستعود إلى الواجهة وإن كان العهد هو المتضرّر الأول منها؟

إن الترحيب الإقليمي والدولي بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وإنهاء رحلة العذاب الطويلة قد يشكّل حافزاً أو ضغطاً على القوى المتضرّرة من مبادرة رئيس التيار الأزرق غير المحسوبة ولا المتوقعة والتي وضعت حدّاً للفراغ الرئاسي، وأعادت الأمل إلى اللبنانيين لتسهيل مهمته في تشكيل الحكومة بأقل وقت ممكن حتى تبدأ ورشة إعادة الثقة الداخلية والخارجية بالدولة ومؤسساتها المتهاوية، أم أن هذه القوى نفسها ستعمد إلى وضع العراقيل والشروط المسكوبية في وجهه، لإفشاله في التأليف، والعودة إلى منطق تعطيل المؤسسات وصولاً إلى الإنهيار الكامل لها.

ثمّة آراء وتوجهات متعدّدة يتم تداولها في الوسط السياسي داخلياً وحتى خارجياً، ومن هذه الآراء أن حزب الله الذي سهّل عملية انتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح رئيساً للجمهورية لأنه التزم به منذ حصل الشغور في رئاسة الجمهورية وعطّل الاستحقاق الرئاسي مُـدّة سنتين ونصف لأجله وبسببه لم يكن راضياً عن الاتفاق الذي حصل بين الجنرال ورئيس التيار الأزرق لأسباب كثيرة أبرزها وأهمّها الخلاف على مستقبل لبنان وارتباطاته الخارجية والإقليمية، وبالتالي ليس على استعداد لأن يسهّل مهمّة الرئيس الحريري في تشكيل الحكومة، وإن كان مقتنعاً ضمناً بأنها ستكون حكومة إنتقالية لا يتعدّى عمرها الستة أو سبعة أشهر لأنها ستستقيل حكماً بعد إجراء الإنتخابات النيابية في شهر أيار من العام المقبل.

ولعلّ أبرز مؤشّر على ذلك الرأي ما أبلغه أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله إلى الرئيس عون عندما زاره في مقرّه بالضاحية للشكر على تأييده ودعمه له من أن الحزب لا يُشارك في أية حكومة لا يُشارك فيها حليفه الرئيس نبيه برّي الذي اختار خط معارضة وصول العماد عون إلى قصر بعبدا، ولا يوجد أي مؤشّر من داخل غرف الحزب المغلقة يشي بأنه غيّر رأيه بعد الانتخابات الرئاسية وفوز الجنرال وأنه سيسهّل عملية تشكيل حكومة العهد الأولى التي من شأنها أن تشكّل له رافعة أساسية لانطلاقة عهده بزخم وقوّة، بقدر ما هناك مؤشرات سبقت عملية الانتخاب واستمرت بعدها إلى أنه غير معني بنجاح أو بفشل رئيس التيار الأزرق في مهمته، فإذا كان هو معني بإيصال الجنرال إلى بعبدا فهو غير معني بإيصال الحريري إلى السراي الحكومي في ظل استمرار الخلاف الاستراتيجي معه لا سيّما في ظل معلومات غير مؤكّدة تقول بأن نواب الحزب ومعهم نواب الرئيس برّي لن يسمّوا الرئيس الحريري في الاستشارات الملزمة التي تبدأ اليوم وتنتهي غداً وقد يتركون حرية التسمية إلى رئيس الجمهورية كبادرة اعتراض على تكليف الحريري تشكيل الحكومة.

وإذا كان هذا الأمر صحيحاً فمعنى ذلك أن الأمر سينتقل إلى مرحلة التأليف التي ستشهد بدورها عملية شدّ حبال بين المكوّن الشيعي الذي لا بدّ من إشراكه في الحكومة وبين الرئيس المكلّف قد تمتد شهوراً وتستحضر معها مقولة الرئيس برّي من جنيف المتعلّقة ببدء مرحلة الجهاد الأكبر بعد الانتهاء من مرحلة الجهاد الأصغر أي مرحلة انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وهي مرحلة التفاهمات على السلة المتكاملة التي يجب بالنسبة إلى الرئيس برّي أن تسبق عملية تأليف الحكومة، والتي تشمل الاتفاق المسبق على قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية، وعلى شكل الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية وغير السيادية كالنفط مثلاً وعلى بيانها الوزاري الذي يُقال بأنه لم يعد يشكّل عقدة بعدما وافق الحريري على أن يكون نسخة طبق الأصل عن بيان حكومة الرئيس تمام سلام.

غير أن ثمّة رأياً بل آراء أخرى تقول بأن حزب الله وإن كان يتجه إلى الامتناع عن تسمية الحريري لتشكيل الحكومة معني أكثر من غيره بإنجاح العهد الذي يعتبره من صنيعته وبالتالي سوف لن يعقّد الأمور في وجه الرئيس المكلّف وسيتساهل في عملية التأليف في حال تمكن الرئيس المكلّف من أرضاء حليفه الرئيس نبيه برّي كشريك أساسي في التأليف وربما ذهب في ذلك إلى حدّ القبول بعدم الاشتراك في الحكومة وتجيير حصته الوزارية إلى رئيس حركة أمل.

وينطلق أصحاب هذا الرأي من عدّة اعتبارات تحكم سلوك الحزب الإيجابي أولها أنه لا يمكن أن يكون السبب في تفشيل عهد العماد عون الداعم الأساسي لإيصاله إلى بعبدا، وثانيها أن حكومة الحريري إنتقالية وعمرها بالتالي لا يتجاوز السبعة أو الثمانية أشهر إذ أنها ستستقيل حكماً بعد الانتخابات الجديدة التي ستبدأ بعدها مرحلة جديدة على ضوء ما ستفرزه هذه الانتخابات.

ويختم أصحاب هذا الرأي بأن عملية التأليف إذا سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها لن تطول وسوف تشهد البلاد حكومة جديدة تتمثل فيها كل القوى الأساسية في غضون ثلاثة أو أربعة أسابيع على أبعد تقدير.