IMLebanon

القيود السياسية  على المعارك العسكرية

معركة حلب هي نصف حرب سوريا في حسابات اللاعبين جميعاً. والحفاظ على ستاتيكو تقاسم السيطرة على احيائها بين الاطراف المتصارعة هو طريقة اللاعبين الكبار في ترك الخيارات مفتوحة بالنسبة الى مصير سوريا واللعبة الجيوسياسية في المنطقة. واذا كانت موسكو قادرة على التنسيق في وقت واحد مع واشنطن وتل ابيب وطهران ودمشق وعمان وسواها، فما الذي تقدمه لكل طرف وما الذي تطلبه من كل طرف، وسط الانخراط في الحرب ولعب الدور الأكبر مع اميركا في ابقاء خيار التسوية السياسية في الجو؟

ليس قليلاً ما أثير من أسئلة حول الاجتماع الثلاثي في طهران قبل ايام بين وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والايراني حسن دهقان والسوري فهد جاسم الفريج. والأسئلة ازدادت خلال مسارعة شويغو الى زيارة القوات الروسية في مطار حميميم ثم استقبال الرئيس بشار الاسد له من دون ان يكون نظيره السوري حاضراً. فهل قررت موسكو دعم دمشق وطهران في معركة حلب بعدما حالت دون اندفاع العاصمتين فيها منذ شباط الماضي؟ هل دقت على التوقيت السياسي الروسي ساعة استعادة الرقة عاصمة الخلافة الداعشية ام ان نهاية الطريق حالياً هي معركة الطبقة ومطارها؟

لا شيء يؤكد ان الرئيس فلاديمير بوتين تخلى عن موقفه المعلن من كون الوضع في حلب وحولها معقداً جداً والمعركة صعبة ومكلفة. ولا عن موقفه الضمني الذي خلاصته ان استعادة النظام لحلب حالياً تعني ان التسوية السياسية الصعبة صارت مهمة مستحيلة. وكل شيء يوحي ان هناك قيوداً سياسية على المعارك العسكرية المهمة. فلا روسيا تقصف من دون ان تضع في حسابها علاقاتها مع عواصم المنطقة والتنسيق مع أميركا. ولا أميركا دعمت قوات سوريا الديمقراطية ذات الاغلبية الكردية في قطع نهر الفرات الى الغرب والتحرك لطرد داعش من منبج من دون ضمانات تزيل بعض هواجس تركيا التي تكيّفت مع تجاوز خط أحمر رسمته.

ولا أحد يعرف كيف يتبلور المشهد في سوريا. لكن الكل يعرف خطورة الكارثة الانسانية التي تضربها، وسط صراع الحسابات الاستراتيجية: ١٣،٥ مليون سوري في حاجة الى مساعدة، ٦،٥ مليون نازح في الداخل، ٥،٥ مليون لاجئ الى الخارج، مليونا طفل خارج المدارس، حسب المنسق الانساني للأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو. أربعمئة ألف قتيل، كما يقول الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا. وأربعمئة مليار دولار خسائر، حسب المركز السوري لبحوث السياسات.

والحساب مفتوح في كلفة الهرب من الحل السياسي الممكن والاندفاع في الحل العسكري المستحيل، ولبنان يشارك سوريا ودول الجوار في دفع الثمن. كذلك في مواجهة الخطر.