يبدو أن الجهود التي بذلت والأجواء التي حاكها بحنكة رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلستَي الحوار، الوطنية والثنائية، أثمرتا اتجاهاً إيجابياً ينحو صوب اعتماد خطاب التهدئة، بالرغم من أن تخلية سبيل ميشال سماحة أعادت تسخين المواقف التي لن يكون لها تداعيات.
ولعل عوامل عدة دفعت الى التوقف عند هذا الحدّ من السجال السياسي أبرزها:
– أخذ قضية إعدام الشيخ نمر النمر مداها المطلوب.
– التوتر الشديد في العلاقات السعودية ـ الإيرانية الذي وصل الى السقف الأعلى الذي يمكن أن يبلغه، والمعطيات تفيد بأنه سيبدأ بالانحسار، خصوصاً بعد الموقف الذي صدر عن وزراء الخارجية العرب والذي لم تستطع الرياض أن تدفع به الى ابعد من الإدانة للهجوم على بعثتيها في إيران.
– تراجع قضية «حصار مضايا» والتي يعتبر كثيرون أنها أثيرت في مقابل قضية الشيخ النمر للتغطية على جريمة إعدامه.
تُضاف الى ذلك، «المصارحة والمكاشفة» في جلسة حوار الحزب و «المستقبل»، مع الإشارة الى أن البيان الذي صدر في أعقاب هذا الحوار يلمح الى ان كل طرف طرح كل ما لديه، مما أعاد رسم إطار إيجابي للحوار الثنائي الذي سيستمرّ، حسب مصادر واسعة الاطلاع.
وتؤكد المصادر أن التوجّه لدى «حزب الله» هو الاكتفاء بما أعلنه أمينه العام السيد نصرالله في خطابه الأخير، وبالتالي فإن الاتجاه اليوم هو الى تخفيف التوتر، خاصة أن هناك حاجة وطنية لخطاب هادئ غير متوتر لاعتبارات ثلاثة، وهي:
أولاً، المبادرة الرئاسية وما يدور حولها من تجاذب وتحسين شروط.
ثانياً، بدء الحديث عن الانتخابات البلدية والاختيارية التي يستحق موعد إجرائها في ايار المقبل.
ثالثاً، مشروع إعادة تفعيل العمل الحكومي.
وفي موضوع الحكومة، فان موقف «حزب الله» الذي أبلغه الى المعنيين مؤداه بأن يتم الحديث مع العماد ميشال عون، أما الانتخابات البلدية والاختيارية فيبدو أنها ستحصل، إنما الحرج هو في الإجابة على السؤال الكبير: كيف تجرون انتخابات بلدية واختيارية ولا تستطيعون إجراء انتخابات نيابية؟
وتؤكد المصادر أن هناك ما يشبه التوافق السياسي على تهيئة المناخات المناسبة لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها، خصوصاً أن الوضع الأمني جيد والانتخابات البلدية والاختيارية على مستوى قرى وبلدات ومدن، وعلى الصعيد اللوجستي، ليست معقدة، وقانونياً تجرى بقرار يصدره وزير الداخلية والبلديات، وفي اغلب المناطق تحصل توافقات، وخصوصاً في مناطق نفوذ «حزب الله» و «حركة امل».
وتشير المصادر إلى أن التنافس الممكن حصوله هو في المناطق ذات الغالبية المسيحية، حيث تأخذ الانتخابات طابع تكريس نفوذ القوى الحزبية، ولكن في الإجمال ممكن أن تمر الانتخابات البلدية والاختيارية «من دون ضربة كف»، كما أن تجديد القطاع البلدي أمر محبّذ، وهناك نقاش جدي وهادئ حول إجراء هذه الانتخابات.
في موازاة ذلك، تشدّد المصادر على أن «العين مفتوحة وعلى مدار الساعة، خشية الاختراقات الأمنية، الإسرائيلية والتكفيرية، كلما اقتربت إمكانية وضع مسار الحل السياسي في سوريا على السكة، لتفويت الفرصة على إمكانية جعل لبنان ساحة بديلة للصراع وتصفية الحسابات».