وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القضاء حكماً بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، في الخلاف الناشب بينهما حول مرسوم منح اقدمية لضباط دورة 1994. وهذا ما زاد من حدة الازمة الدستورية والسياسية، والتي بدأت قبل الاعياد، وقد تمتد لاجل غير منظور.
فالمتضرر من المرسوم، هو الذي يتقدم بشكوى الى القضاء، والمقصود هنا القضاء الاداري اي مجلس شورى الدولة، وهذا ما يهدف اليه رئيس الجمهورية، وفق تفسير لمرجع قانوني، الذي يشير الى انه لم يتم تحديد المتضرر، الذي قد يكون احد الضباط او اكثر من المشمولين بالاقدمية، اذا لم يتم نشر المرسوم، او ضابط واكثر من دورات اخرى، او اي متضرر آخر، انما الدعوى او الشكوى، تأتي من الجهة المتضررة مباشرة.
ولكل طرف في هذه الازمة، تبريره القانوني والدستوري، يقول المرجع القانوني، بحيث ان رئيس الجمهورية بتوقيعه المرسوم مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع، استناداً الى قانون الدفاع، كان دافعه ان يحفظ حقوق ضباط في الاقدمية، خوفاً من مرور الزمن، ليحصلوا على ترقيات فيما بعد، كما ان الرئيس بري يؤكد على وجود مخالفة دستورية بعدم توقيع وزير المال على المرسوم الذي يترتب عليه انفاق مالي، لانه مع تعديل في الرتبة سيتوجب عليه تعديل في الراتب.
والمسألة معقدة برأي المرجع القانوني، لان المتضرر سياسي، اضافة الى الوضع الدستوري، لكن الظاهر ان الضرر السياسي هو الذي يتقدم، ولا بد من علاج الموضوع سياسياً، من خلال حل يستجيب للدافع القانوني عند رئيس الجمهورية باعطاء حقوق لمجموعة من الضباط، يعتبرهم ظلموا في مرحلة ما، وفي الوقت نفسه يوقع وزير المال على المرسوم لان عليه مترتبات مالية، يقول المرجع القانوني، بما يحفظ الصلاحيات وتطبيق الدستور، والا تبقى الازمة في مكانها تراوح، داخل جدل دستوري، وسجال سياسي.
فالضرر السياسي، هو ما يجب النظر اليه، من خلال القراءة الدستورية والقانونية، التي يتلطى وراءها طرفا الصراع، وهو ما يفتح الباب لازمة سياسية، يجب تداركها، مع تعنت كل من الرئيسين عون وبري في موقفهما.
والمتضرر من المرسوم، كيف يمكنه اللجوء الى القضاء، اذا لم ينشر في الجريدة الرسمية وسيصبح وثيقة للاستناد اليها، ما اذا كان المتضرر سيلجأ الى القضاء، يقول المرجع القانوني، الذي يعود ويؤكد على ان الضرر يجب ان ينظر اليه سياسياً، وهو ما اشار اليه رئيس الجمهورية حول الخلاف مع الرئيس بري الذي اكد عليه هو ايضاً، واعتبر ان القضاء ليس هو الملاذ في هذه القضية للعودة اليه، لان الاشكالية ليست ادارية، بل دستورية، ومجلس النواب هو الجهة المعنية بتفسير الدستور، لجهة تطبيق المادتين 54 و56 منه، يقول المرجع القانوني، الذي يشير الى ان المسألة ليست سهلة الحل، وهي في الوقت نفسه يمكن البت بها، اذا ما جرى تحكيم الدستور، وهذا ما يؤكد عليه رئيس مجلس النواب، ولا يمانع به رئيس الجمهورية، ولا بدّ من جهد باتجاه تقريب وجهات النظر بين رأيين صائبين، لجهة ايجاد حل مخرج تحت سقف الدستور.
واللجوء الى القضاء، كما يطالب رئيس الجمهورية المتضررين من المرسوم، يطرح السؤال حول دور القضاء واستقلاليته، وعدم خضوعه للسياسة او للسلطة، وفق تجارب مع بعض القضاة، يقول المرجع القانوني، الذي يشير الى ان الحل لهذه المعضلة هو بحوار هادئ يقوم بين الرئيسين عون وبري، بعيداً عن المنابر الاعلامية، كما عن العناد والتحديات، وابراز من هو الرئيس القوي، ومن يحمي حقوق طائفته؟